المطلب الثاني:
مصرف الوقف المنقطع الابتداء، والوسط
اختلف العلماء المصححون للوقف المنقطع الابتداء والوسط في مصرفه على أقوال:
القول الأول: أنه يصرف إلى من بعد الجهة المنقطعة ممن يجوز الوقف عليه.
[ ص: 137 ] وهو مذهب المالكية، والحنابلة.
القول الثاني: أنه يصرف إلى الفقراء.
وبه قال الحنفية.
القول الثالث: أنه يصرف إلى أقرب الناس من الواقف، إن كان على نحو عبد معين ممن يمكن أن ينقرض، فإذا انقرض صرف إلى من يجوز الوقف عليه، وإن كان على نحو ميت ومجهول ممن لا يعتبر انقراضه صرف إلى من بعده.
وهو الصحيح من مذهب الشافعية.
وفي وجه للشافعية: يصرف للواقف، ثم إلى ورثته من بعده، حتى ينقرض الأول، فإذا انقرض صرف إلى من بعده.
القول الرابع: أنه يصرف إلى المصالح العامة.
وهو وجه في مذهب الشافعية.
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل القائلون بصرف الغلة إلى من بعد الجهة المنقطعة بالأدلة التالية:
1 - ما تقدم من الأدلة على صحة الوقف.
[ ص: 138 ] وجه الدلالة: دلت هذه الأدلة على صحة الوقف في الجملة، وهذا يقتضي صحة الصرف إلى من بعد الجهة المنقطعة.
2 - الأدلة الدالة على وجوب العمل بشروط الواقف.
وجه الدلالة: أن هذه الأدلة دلت على اعتبار شرطه وقصده، وترك الصرف إلى الجهة الصحيحة تفويت لغرض الواقف.
3 - أن الجهة الباطلة وجودها كعدمها، فكأنه وقف على الجهة الصحيحة.
دليل القول الثاني: (يصرف إلى الفقراء) :
قوله تعالى:
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وجه الدلالة: دلت الآية على أن الفقراء محل الصدقات في الجملة، وهذا يقتضي صرف الوقف المنقطع لهم.
ونوقش: بعدم التسليم مطلقا، لدلالة أدلة الرأي الأول على صرف الوقف على الجهة الصحيحة.