المطلب السادس: اقتضاء التسوية، أو الترتيب بين البطون
إذا جاء لفظ الولد وولد الولد، أو الأولاد وأولاد الأولاد مطلقا عما يفيد الترتيب، فإنهم يستحقون الانتفاع بالوقف على جهة الاشتراك بالتساوي فيما بينهم. [ ص: 169 ] وأما إذا نص على الترتيب، كما إذا قال: الأقرب فالأقرب، أو على الأعلى فالأعلى، أو بطنا بعد بطن، أو الأول فالأول، أو قال: ولا يعطى أولاد الأولاد شيئا ما بقي من الأولاد أحد، ونحو هذه الألفاظ التي تقتضي ترتيب البطون، فحينئذ لا يستحق البطن الثاني شيئا قبل انقراض البطن الأول.
والمراد: لا يستحق منهم في الدرجة الثانية مع وجود أحد من الدرجة الأولى.
وهذا يكاد يتفق عليه العلماء.
ووجه ذلك: أن الوقف ثبت بقول الواقف، فيتبع فيه ما يقتضيه كلامه، وهذا هو ما تقتضيه ألفاظه في هذه الصيغ.
وفي فتاوى الشيخ
محمد بن إبراهيم: «رجل سبل ثلث ما خلف على عياله وعيالهم ما تناسلوا، فهل يستحقونه والحالة ما ذكر مرتبا بطنا بعد بطن، أم يشتركون فيه قريبهم وبعيدهم، وهل يدخل أولاد البنات في ذلك؟
والجواب: الحمد لله،
إذا سبل على عياله وعيالهم ما تناسلوا، فالذي يظهر التشريك; لأن الواو تقتضي التشريك، إلا إذا وجد عرف أو لغة تقتضي خلاف ذلك، فإنما يحكم على العامة بما تقتضيه لغتهم ويدل عليه عرفهم; لأن المعتبر هو القصد; لحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650001«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» .
وخالف بعض الشافعية في بعض هذه الألفاظ مثل: بطنا بعد بطن، أو
[ ص: 170 ] نسلا بعد نسل، فقالوا: إن هذه الصيغ تقتضي التسوية والتشريك بلا ترتيب، وعليه فيشارك البطن الأسفل البطن الأعلى; معللين بأن (بعد) بمعنى (مع) .
ورد جمهورهم ذلك معللين بأن (بعد) في اقتضاء الترتيب أصرح من (ثم، والفاء) ، فهي أولى بالترتيب.
ولو قال في هذه الصيغ: ومن مات فنصيبه لولده، استحق كل ولد نصيب أبيه بعد وفاته.
ولو لم ينقرض من في درجة أبيه لنص الواقف على ذلك، ويكون حينئذ من باب ترتيب الأفراد لا من باب ترتيب الجمل.
***