المطلب الثالث:
مدة إجارة الوقف
اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنه إذا اشترط الواقف على الناظر مدة معينة في إجارة الوقف، كسنة مثلا، فإنه يجب على الناظر مراعاة الشرط، فلا يزيد على المدة المحددة، ما لم يكن في الزيادة مصلحة، أو
[ ص: 393 ] تكن هناك ضرورة، فيجوز ذلك، كما سبق بيان ذلك عند الكلام عن تغيير شرط الواقف.
فقد قال بذلك الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
لكن إذا دعت المصلحة خلاف هذا الشرط لحاجة الوقف أو الموقوف عليه; جاز مخالفته بعد إذن القاضي.
قال
ابن لجين: «ومراد المصنف عند عدم شرط الواقف، فإن نص على شيء فأجره الناظر أكثر منه لا يجوز، إلا إذا كانت إجارتها أكثر أنفع للفقراء، والناس لا يرغبون في استئجارها، فللقيم أن يرفع الأمر إلى القاضي حتى يؤاجرها» .
وقال
الخرشي: «ثم إن كلام المؤلف مقيد بما إذا لم يشترط الواقف مدة، وإلا عمل على ما شرط، وربما إذا لم تدع الضرورة لعدم ذلك لأجل مصلحة الوقف» .
وقال
الشربيني: «ويستثنى من إطلاق المصنف حال الضرورة كما لو شرط ألا تؤجر الدار أكثر من سنة، ثم انهدمت وليس لها جهة عمارة إلا بإجارة سنين» .
وقال
البهوتي: «فإذا شرط ألا يأجر أكثر من سنة لم تجز الزيادة عليها، لكن عند الضرورة يزاد بحسبها، ولم يزل عمل القضاة في عصرنا وقبله عليه» .
[ ص: 394 ] أما إذا لم يشترط الواقف مدة معينة في الإجارة، بل أطلق فإنه يجب على الناظر أن يفعل ما فيه مصلحة الوقف من الإجارة يوميا، أو أسبوعيا، أو شهريا، أو سنويا.
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية: «والواجب على الناظر أن يفعل مصلحة الوقف في إجارة المكان مسانهة، أو مشاهرة، أو موايمة...» .
أما بالنسبة لمدى صحة تطويل مدة الإجارة، فقد اختلف الفقهاء فيها على قولين:
القول الأول: أن الناظر لا يملك إجارة الوقف مدة طويلة.
وبهذا قال أكثر الحنفية، وبه قال المالكية، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة.