المسألة الثانية: الألفاظ ذات الصلة:
أولا:
الصبرة
هي عقد إجارة طويلة لمدة قد تصل إلى ألف سنة، يلتزم المستأجر فيها بدفع مبلغ أو تمر أو حنطة سنويا، ويزرع ويغرس ويبني حسب العقد، فإذا انتهت المدة رفع المستأجر يده عن الأرض، واستلمها صاحبها بدون التزامات مالية، بخلاف ما لو نزعت الملكية للمصلحة العامة أثناء مدة الإيجار، فللمستأجر حق مالي، ويذكر عادة في العقد عبارة : "منع الصبرة فسخ الإجارة" بمعنى أن العقد ينفسخ إذا امتنع المستأجر من دفع الأجرة المتفق عليها .
وهي معروفة في
نجد، ومن الفروق بينها وبين الحكر ما يلي :
1- يدفع المستحكر في بداية العقد مبلغا يقارب قيمة الأرض خالية غير مشغولة، ويبني من ماله بناء، أو يغرس في الأرض الزراعية غرسا ملكا له، ثم يدفع أجرة سنوية ضئيلة، بينما لا يدفع المستأجر في عقد الصبرة ابتداء أي مبلغ، وإنما عليه دفع الأجرة السنوية فقط.
2- في عقود التحكير على الوقف لا تذكر مدة الإيجار عادة، بينما ينص عليها في عقد الصبرة.
[ ص: 105 ]
3- إذا سقط البناء في عقد الحكر المطلق عن المدة فيها انفسخ العقد، بينما عقد الصبرة لا تأثير لسقوط البناء على لزوم العقد.
ثانيا: الإجارتان: ويأتي في المبحث الثاني:
ثالثا:
حق القرار:
هو الحق الذي ينتج عن عقد الحكر بعد أن يبني المستحكر، أو يغرس في الوقف، ويبقى هذا الحق منوطا ببقاء العمار والغرس، ولا يختص به الحكر، بل المرجع في ذلك إلى جريان العرف، فهو الذي أنشأه.
رابعا: المرصد:
المرصد في اللغة : من انتظار الشيء والإعداد له، جاء في لسان العرب : "الراصد بالشيء الراقب له، ثم قال : الإرصاد: الانتظار، والإرصاد: الإعداد.
والمراد به هنا: أن
يستأجر إنسان عقارا موقوفا، ويأذن له ناظر الوقف بعمارته واستصلاحه من ماله الخاص مع نية الرجوع على الوقف لكون الوقف ليس له مال حاضر، ولا راغب في استئجاره بوضعه الحالي .
فهو دين على الوقف بإذن متولي الوقف لعمارته الضرورية.
[ ص: 106 ] الفرق بين الإرصاد وبين الحكر :
المقصود بالإرصاد هنا : تحويل جزء من ريع الوقف، أو كله لوفاء دين مشروع على الوقف.
والحكر في حقيقته : استئجار أرض الوقف لمدة طويلة لإقامة بناء عليها .
والفرق بينهما: الإرصاد - في صورة ما إذا بنى المستأجر للعقار الموقوف دكانا فيه ، أو جدد بناءه المتداعي; ليكون ما أنفقه في ذلك دينا على الوقف إن لم يكن ثمة فاضل في ريع الوقف يقوم بذلك : فالعمارة في الإرصاد تكون للوقف، والعمارة في الحكر تكون للمستأجر، وما يدفعه المستأجر في الإرصاد هو دين على الوقف للمستأجر، وما يدفعه المستأجر في الحكر هو أجرة الأرض التي أقام عليها بناءه.
وهذه الصورة كغيرها من الصور كان سبب قيامها هو حاجة الوقف لمن يقوم بعمارته، ولذا يجب قصره على تلك الحالة التي تشح فيها مصادر التمويل للمرفق الوقفي، فمتى أمكن عمارة الوقف من ذاته، ولم توجد مصلحة راجحة ظاهرة، فلا يجوز سلوك مثل هذه الصيغة لتمويل الوقف ; لما فيها من رهن منفعة الوقف بذلك الدين.
وبناء على ما سبق فإن الحكم في هذه المسألة كالحكم في الاستدانة للوقف، ويقال فيها ما قيل هناك من ضوابط وتفصيل.
خامسا: الكدك:
لفظ معرب يطلق في الاصطلاح الفقهي على
الأعيان المملوكة للمستأجر المتصلة بالحانوت على وجه القرار كالبناء، أو لا على وجه القرار
[ ص: 107 ] كآلات الصناعة المركبة به، كما يطلق أيضا على الكردار في الأراضي كالبناء والغرس فيها ".
وينشئ مستأجر عقار الوقف هذا الكدك فيه من ماله لنفسه على حسب حاجته بإذن متولي الوقف كالرفوف والمواقد ونحوها يضعها في الحوانيت .
وقال
ابن عابدين: "الكردار المعبر عنه في زماننا بالكدك ... وهو أن يحدث المزارع في الأرض بناء أو غراسا أو كبسا بالتراب" .
ومن الحقوق ما يسمى "القميص" و"مشد المسكة" و"القيمة".
ويكون أيضا لأصحابها حق قرار على عقار الوقف بأجر المثل ترجيحا على سواهم من المستأجرين.
والقميص هو: حق لمستأجر دار الرحى الموقوفة يخوله البقاء فيها لماله فيها من أدوات الطحن وآلاته ولوازمه.
والمراد بمشد المسكة : "المشد" بفتحتين مع تشديد الدال، والمسكة بفتحات، وزن "سمكة" وهو لفظ مشتق من الشد والتمسك، وهو تعبير موروث من العهد التركي يطلق ويراد به : حق لمستأجر الأرض الموقوفة في البقاء بسبب ما له فيها من حراثة وسماد; إذ يتضرر لو أخرج منها .
والمراد بالقيمة : حق مستأجر البساتين الموقوفة في البقاء فيها كذلك لما له فيها من أصول المزروعات التي تدوم، أو من عمارة الجدر المحيطة التي أنشأها، وهي نظير الكدك .
[ ص: 108 ]