المطلب الرابع
حق الواقف في تعيين ناظر الوقف إذا لم يشترطه
لأحد، أو جعله لإنسان فمات .
إذا لم يشترط الواقف النظارة لأحد، أو اشترطه لإنسان فمات، ففي أحقيته في تعيين ناظر على وقفه خلاف بين الفقهاء على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أن
للواقف الحق في تعيين ناظر لوقفه، حتى ولو لم يشترطه لأحد، أو اشترطه لشخص فمات.
وبهذا قال
الحنفية، والمالكية.
القول الثاني: أن الواقف لا يملك تعيين ناظر آخر ما لم يشترط لنفسه حق التعيين .
وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن من
الحنفية ، وهو قول
الحنابلة .
القول الثالث: التفصيل : وهو أن للواقف حق التعيين إذا اشترط الولاية
[ ص: 373 ] لنفسه، أو لم يشترطها لأحد، وقلنا له: الولاية الأصلية على الوقف، وإلا فلا .
وبهذا قال
الشافعية.
الأدلة:
دليل أصحاب القول الأول: (للواقف الحق في تعيين ناظر الوقف) : استدل لهذا الرأي بما يلي:
أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه عين بنته
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة رضي الله عنها على وقفه بعد ما وليه هو، وبعد مضي سنوات على وقفه، فقد جاء في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : "هذا ما كتب عبد الله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أمير المؤمنين في ثمغ، أنه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة ما عاشت تنفق ثمره حيث أراها الله ، فإن توفيت فإلى ذوي الرأي من أهلها ...، والمئة وسق الذي أطعمني النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنها مع ثمغ على سننه الذي أمرت به، وإن شاء ولي ثمغ أن يشتري من ثمره رقيقا يعملون فيه فعل، وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيب، وشهد
nindex.php?page=showalam&ids=172عبد الله بن الأرقم" .
nindex.php?page=showalam&ids=2فعمر رضي الله عنه كتب هذا الكتاب في خلافته ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيبا كان كاتبه زمن الخلافة، ولأن
nindex.php?page=showalam&ids=303معيقيبا وصف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في هذا الكتاب بأنه أمير المؤمنين في حين أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر تصدق بثمغ حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
خيبر سنة سبع من الهجرة .
دليل أصحاب القول الثاني:
(الواقف لا يملك تعيين الناظر) :
قياس الواقف على الأجنبي عن الوقف في عدم إثبات حق له في تعيين
[ ص: 374 ] ناظر للوقف; لأن الواقف لما حبس العين فقد أخرجها عن ملكه، وصار كالأجنبي عنها، فلا يملك النصب ولا العزل، كما لا يملكه الأجنبي .
ونوقش : بأن إلحاق الواقف بالأجنبي بالنسبة للوقف لا يصح، حيث إن الواقف له تعلق بالوقف، ومصلحته في دوامه وعمارته ; لأن في ذلك استمرار الأجر له، بخلاف الأجنبي ، فالواقف وإن أخرج العين عن ملكه فمن حقه تعيين ناظر عليها ليطمئن على استمرار صدقته .
دليل أصحاب القول الثالث: (للواقف حق تعيين الناظر إذا اشترط الولاية لنفسه، وعلى القول بأن له حق الولاية الأصلية) :
الجمع بين دليل القول الأول ودليل القول الثاني، فمتى ما أثبتنا له حق التولية، فلخبر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومتى ما منعناه من التولية، فلأنه قد أزال ملكه عن العين، فلا تبقى ولايته عليها.
ونوقش: بأن إثبات حق التولية للواقف لخبر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ، أما منعه من التولية لزوال ملكه عن العين الموقوفة ففيه نظر; لأنه وإن زال ملكه فإن له تعلقا بالعين التي أوقفها، حيث إنها سبب في جريان الثواب له، فيهمه أن يتولى عليه من يثق بأمانته وعدله.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول القائل بثبوت حق الواقف في تعيين ناظر لوقفه، حتى ولو لم يشترطه لأحد، أو اشترطه لشخص فمات أو عزل; لقوة ما استدلوا به.
[ ص: 375 ]