المبحث السادس
تعدد النظار
وفيه مطالب:
المطلب الأول
اتحاد الوقف المنظور فيه .
بالاتفاق يجوز
تعدد ناظري الوقف مع اتحاد المنظور فيه، وذلك بأن يسند شخص النظر على وقفه إلى شخصين، أو أكثر قياسا على الوكالة والوصية.
ولا يخلو من حالتين :
الحال الأولى : أن يسند الواقف النظر على وقفه إلى شخصين، ويصرح بأن لكل واحد منهما حق الانفراد بالتصرف.
فلكل واحد منهما الانفراد بالتصرف بغير خلاف بين أهل العلم.
[ ص: 394 ]
الحال الثانية : أن يسند الواقف النظر على وقفه إلى شخصين، ويصرح باجتماعهما على التصرف.
فليس لواحد منهما الانفراد بالتصرف بغير خلاف بين أهل العلم.
الحال الثالثة : أن يسند الواقف النظر على وقفه إلى شخصين ويطلق :
وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله تعالى في حكم انفراد أحدهما بالتصرف فيها من بيع غلاتها وعمارتها، ونحو ذلك على قولين :
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين :
القول الأول: أن أحد النظار لا يملك الانفراد بالتصرف مستقلا عن الآخرين إلا إذا كان النظر قد شرط لكل منهم.
وبه قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن، وهو الظاهر من قول
المالكية، حيث قالوا بعدم جواز انفراد أحد الوكلاء بالتصرف إذا تعددوا إلا إذا كان الموكل قد شرط له ذلك كما سبق .
وبه قال
الشافعية ،
والحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية. [ ص: 395 ]
القول الثاني: أن أحد النظار يملك الانفراد بالتصرف مطلقا .
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
الأدلة :
دليل القول الأول:
استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
أن الواقف بإسناده النظر إلى اثنين أو أكثر لم يرض بانفراد أحدهم بالتصرف، وإلا لما أسنده إليهم جميعا، فلا يصح.
دليل القول الثاني: (أنه يملك الانفراد) :
استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
القياس على الوصي، فكما أنه يصح لأحد الوصيين الانفراد بالتصرف، فكذلك يصح لأحد النظار الانفراد بالتصرف.
ونوقش هذا الدليل من وجهين :
الوجه الأول: لا نسلم بأنه يصح لأحد الوصيين الانفراد بالتصرف مطلقا، بل لا يصح إلا إذا جعل الموصي ذلك .
الوجه الثاني : على تقدير التسليم بذلك فهو قياس مع الفارق; لأن هناك فرقا بين الوصية والوقف، قال البهوتي: "قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: الوقف غير الوصية ; لأنه لا يباع ولا يورث، ولا يصير ملكا للورثة".
[ ص: 396 ]
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لقوة ما استدلوا به، ولأن تعديد النظار من قبل الواقف أو القاضي مقصود لمصلحة الوقف، فيجب مراعاته لتحقيق هذه المصلحة.