المطلب الخامس: التعديل إذا حصل التخصيص أو التفضيل
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: في إعطاء الآخرين
وفيها أمران:
الأمر الأول: إعطاء المفضول في حال الصحة:
إذا خص الوالد أحد أبنائه بهبته، أو فضل بعضهم على بعض في قدرها وجبت عليه التسوية، ومن وسائلها إعطاء الآخرين، كما أعطى
[ ص: 495 ] المخصص، أو زيادة نصيب المفضول ليساوي الفاضل، هذا في حال الصحة، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم.
الأمر الثاني: الإعطاء في مرض الموت:
أما إذا أعطى أحد بنيه في صحته، ثم أراد العدل بإعطاء الآخر في مرضه، فهل يصح منه ذلك؟ اختلف فيه أهل العلم على قولين:
القول الأول: أنه لا يصح.
ذهب إليه
الحنابلة في الوجه الثاني، وهو المذهب، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم.
وحجته: أن التسوية بينهما واجبة، ولا طريق لها في هذا الموضع إلا بعطية الآخر، فتصح كقضاء دينه.
القول الثاني: أنه يصح.
وهو قول جمهور أهل العلم.
واحتجوا: بأن عطيته في مرضه كوصيته، ولو وصى له لم يصح، فكذلك إذا أعطاه.
ويمكن أن يناقش: بأن منعه من الوصية للوارث لحق الورثة، ولا حق لهم فيما أخذوه.
[ ص: 496 ] الترجيح:
والذي يظهر لي رجحانه ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من الجواز; وذلك لقوة دليله، من كونه طريقا لتلافي ما وقع فيه من جور، ولا يصح قياسه على الوصية; لأن منعه من الوصية للوارث إنما هو لحق بقية الورثة، ولا حق لهم فيما سبيله التعديل، فحق الآخر في العطية ثابت قبل المرض.