التعريف الرابع:
إعطاء منفعة شيء مدة وجوده، لازما بقاؤه في ملك معطيه، ولو تقديرا.
وهذا عليه كثير من المالكية.
[ ص: 62 ]
فقوله: « إعطاء منفعة » قيد أخرج عطية الذات، فإنها إما هبة، أو صدقة.
قوله: « مدة وجوده » أي: الموقوف، أخرج العارية، لرجوعها إلى المعير، والعمرى، لرجوعها بعد موت المعمر ملكا للمعمر، أو لوارثه.
قوله: « لازما بقاؤه في ملك معطيه » قيد خرج به العبد المخدم حياته يموت قبل موت ربه; لعدم بقائه في ملك معطيه; لجواز بيعه برضاه مع معطاه.
وهذه مسألة خلافية بين الفقهاء، وتقدم في التعريف الأول إشارة إليها.
قوله: « ولو تقديرا » يحتمل: ولو كان الملك تقديرا، كقوله: إن ملكت دار فلان فهي حبس.
ويحتمل: ولو كان الإعطاء تقديرا، كقوله: داري حبس على من سيكون.
ونوقش: أنه عبر بالمنفعة، والوقف تمليك انتفاع لا منفعة، وأنه يفيد تأبيد الوقف، والمالكية يرون صحة الوقف المؤقت، وأنه يفيد عدم صحة الحيوان، والمالكية يرون صحته.
وتطرق الاحتمال إليه بقوله: « ولو تقديرا » التعريف المختار:
التعريف الذي أميل إليه من التعاريف السابقة هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة - رحمه الله - ومن وافقه بأن الوقف: « تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة ».
وقد اخترت هذا التعريف للأسباب الآتية:
[ ص: 63 ]
أولا: أن هذا التعريف اقتباس من:
(1 ) ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق
عبيد الله بن عمر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه، عن عمر رضي الله عنه ، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=669808حبس الأصل وسبل الثمرة ».
(2 ) وما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=652532إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها » وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري: nindex.php?page=hadith&LINKID=652558« تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره ».
والرسول صلى الله عليه وسلم أفصح العرب لسانا، وأكملهم بيانا، وأعلمهم بالمقصود من قوله.
ثانيا: أن هذا التعريف جامع مانع، لكونه قد سلم من الاعتراضات التي اعترض بها على التعريفات الأخرى.
ثالثا: أن هذا التعريف يؤدي المعنى الحقيقي للوقف بأقصر عبارة تفيد المقصود منه، دون الدخول في تفصيلات جانبية كبقية التعاريف الأخرى.
رابعا: أن ذكر الأركان والشروط ضمن التعريف يخرجه عن الغرض الذي وضع لأجله.
[ ص: 64 ]
خامسا: أن هذا التعريف هو قدر مشترك يتفق عليه الجميع، ويختلفون فيما عداه من المسائل والضوابط، فكان أولى بالترجيح، ولذا كثر القائلون به من الفقهاء المعاصرين.
سادسا: سلامة هذا التعريف من الاعتراض; إذ إن من أبرز في التعريف شروطا وضوابط كان تعريفه محل اعتراض من مخالفيه، وأما من اقتصر على الحقيقة فهو سالم من المعارضة.
سابعا: أن في هذا التعريف إبرازا لمقصد من أهم مقاصد الوقف، وهو الابتداء والدوام، وهذا ظاهر في التحبيس والتسبيل.
ثامنا: العلاقة الظاهرة في هذا الحد بين التعريف اللغوي والشرعي.