المطلب الثاني: القسم الثاني: المرض المخوف
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
هبة المريض مرض الموت من حيث القدر:
اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في حكم هبة المريض مرض الموت لوارث، أو بأزيد من الثلث.
القول الأول: أن هبة المريض وعطيته لغير وارث من الثلث فأقل.
ذهب إليه جمهور العلماء:
الحنفية، والمالكية، والشافعية، [ ص: 255 ] والحنابلة، واختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية له رحمه الله.
القول الثاني: إنه لا يحجر عليه في شيء من ماله، فهو كالصحيح سواء.
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم، nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود الظاهري، إلا أنه استثنى العتق فجعله من الثلث.
أدلة الرأي الأول: (أن هبة المريض مرض الموت من الثلث لغير وارث)
(267) 1- ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من طريق
طلحة بن عمرو، عن
عطاء، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
nindex.php?page=hadith&LINKID=936208 "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم". [ ص: 256 ]
وجه الاستشهاد: أنه أخبر ألا زيادة لهم على الثلث، فدل على الحجر على ما زاد عليه، ومنعهم من التصدق به.
نوقش من وجهين:
الوجه الأول: الحديث ضعيف، وقد روي من طرق كلها ضعيفة.
أجيب عليه: أنها وإن كانت ضعيفة، لكن قد يقوي بعضها بعضا.
[ ص: 257 ]
الوجه الثاني: على التسليم بصحة الحديث، فالحديث المراد به الوصية عند الموت، ونحن متفقون معكم على أن
الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ويدل على ذلك: أنه لم يأت في الحديث ذكر للمرض أصلا، فما الذي حملكم أن جعلتموه في المرض المخوف؟.
وأجيب: بأنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=936208 "عند وفاتكم" ولم يقل: بعد وفاتكم، مما يدل على أن التبرع المقيد بالثلث إنما كان حال الحياة.
(268) 2- وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه -رضي الله عنه- قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651213كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا" فقلت: بالشطر؟ فقال: "لا"، ثم قال: الثلث والثلث كبير أو كثير".
وجه الاستشهاد: أنه لم يأذن له في الصدقة بأكثر من الثلث، مما يدل على أنه ممنوع من التصرف في الباقي.
ونوقش: أن الحديث ليس في العطايا بل في الوصية، يدل على ذلك أمران:
الأمر الأول: ما جاء في بعض روايات الحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=682243 "أريد أن أوصي، فقلت: أوصي بمالي كله" ونحن معكم في أن الوصية لا تجوز بأكثر من
[ ص: 258 ] الثلث، والقصة واحدة، وهذه الروايات في الصحيحين وغيرهما، فدل على أنه أراد الوصية.