القسم الثاني:
الوصية المستحبة :
عند
الحنفية : أن الوصية بأقل من الثلث أولى من تركها إذا كانت الورثة أغنياء، أو يستغنون بنصيبهم; لأنه تردد بين الصدقة على الأجنبي، والهبة للقريب، والأولى أولى; لأنه يبتغي بها رضا الله تعالى، وقيل: يخير، وإن كان الورثة فقراء ولا يستغنون بما يرثون فالترك أولى; لأن ترك الوصية صدقة على القريب بقدر الوصية، والوصية تصدق على الأجنبي، والأول أولى".
(23) لما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن
زينب امرأة عبد الله : وفيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651373 "...قالت: فخرج علينا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ، فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك: أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن، قالت: فدخل nindex.php?page=showalam&ids=115بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال له رسول الله: من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة" .
[ ص: 111 ] والوصية المستحبة عند
المالكية : كما قال
اللخمي : "ما كانت بما فيه قربة لا يضر بالوارث; لكثرة المال، ويظن فيها من الثواب أكثر من ثواب ترك المال للوارث".
وعند
الشافعية : الوصية المستحبة هي ما استوفت الشرائط، ولم تكن واجبة، ولا محرمة، ولا مكروهة، كالوصية لغير الوارث المستقيم، والوصية للفقراء والمساكين، ونحو ذلك.
وعند
الحنابلة : الوصية المستحبة: هي الوصية لمن ترك خيرا (وهو) أي: الخير (المال الكثير عرفا) فلا يتقدر بشيء; لأنه لا نص في تقديره (بخمسه) أي: ماله لقريب فقير لا يرث; لأن الله تعالى كتب الوصية للوالدين والأقربين، فخرج منه الوارثون بقوله: "لا وصية لوارث".
وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم، وأقل ذلك الاستحباب، ولأن الصدقة عليهم في الحياة أفضل، فكذا بعد الموت (وإلا) يكن له قريب فقير وترك خيرا، (ف) المستحب أن يوصي (لمسكين وعالم) فقير (ودين) فقير وابن سبيل وغاز.
والأقرب: أن يقال: تستحب الوصية لمن ترك خيرا كثيرا، وهو المال عرفا; لقوله تعالى:
كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين
(24) ولما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه قال:
[ ص: 112 ] دخل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي على مولى لهم في الموت، فقال: يا
علي ! ألا أوصي؟ فقال
علي : لا، إنما قال الله تبارك وتعالى:
إن ترك خيرا وليس لك كثير مال، قال: وكان له سبعمائة درهم" .
(25) روى
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة من طريق
محمد بن شريك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت: قال لها رجل: إني أريد أن أوصي، قالت:
[ ص: 113 ] كم مالك؟ قال: ثلاثة آلاف، قالت: فكم عيالك؟ قال: أربعة، قالت: فإن الله يقول:
إن ترك خيرا وإنه شيء يسير، فدعه لعيالك فإنه أفضل .
[سنده صحيح].
ويبدأ بأقاربه للآية، ثم ما كان أنفع وأصلح من طرق الخير والبر، وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان.
وأما قدر ما يستحب أن يوصى به فسيأتي بيانه قريبا.
(29) روى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق
الحكم بن أبان ، حدثني
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: "
إن ترك خيرا قال: من لم يترك ستين دينارا لم يترك خيرا" .