المطلب الثاني: تعداد الأركان
اختلف العلماء - رحمهم الله - في
تعداد أركان الوصية على أقوال:
القول الأول: أن أركان الوصية موصي، وموصى له، وموصى به، وصيغة.
وهذا قول جمهور العلماء.
وفي حاشية الجمل
للشافعية : "(قوله: موصى له) قضية جعله من الأركان أنه يشترط ذكره، والمعتمد خلافه، فلو اقتصر على قوله: أوصيت بثلث مالي صحت، وتصرف في وجوه البر".
واختار
ابن عبد السلام : أن الصيغة الإيجاب والقبول، ليست من أركان العقود، وإنما هي دليل على حصول ماهية العقد وحقيقته، المشتملة على أركانه، والدليل على الشيء غير المدلول.
القول الثاني: أن أركان الوصية الإيجاب والقبول.
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وصاحباه.
[ ص: 207 ] القول الثالث: أن ركن الوصية هو الإيجاب فقط.
وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر .
الأدلة:
دليل الجمهور: أن الركن هو جزء الماهية، ولا يتحقق إلا بوجود هذه الأربعة.
واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة والصاحبان على أن الركن هو الإيجاب والقبول معا:
1 - قوله تعالى:
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، فظاهره: أن لا يكون للإنسان شيء بدون سعيه، فلو ثبت الملك للموصى له من غير قبول تثبت من غير سعيه، وهذا منفي إلا ما خص بدليل.
2 - ولأن القول بثبوت الملك للموصى له من غير قبوله يؤدي إلى الإضرار به من وجهين:
أحدهما: أنه يلحقه ضرر المنة؛ ولهذا توقف ثبوت الملك للموهوب له على قبوله، دفعا لضرر المنة.
والثاني: أن الموصى به قد يكون شيئا يتضرر به الموصى له، فلو لزمه الملك من غير قبوله للحقه الضرر من غير التزامه، وإلزام من ليس له ولاية الإلزام; إذ ليس للموصي ولاية إلزام الضرر، فلا يلزمه.
ودليل
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : أن كل واحد من الملكين ينتقل بالموت، ثم ملك الوارث لا يفتقر إلى قبوله، فكذا ملك الموصى له.
والأقرب: ما ذهب إليه جمهور أهل العلم; لقوة دليله.
[ ص: 208 ]