المبحث الرابع: الشرط الرابع: أن يكون جادا
(وصية الهازل)
يشترط أن يكون الموصي جادا في وصيته، غير هازل ولا لاعب، أو يمازح الموصى له.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في اعتبار هذا الشرط على قولين:
القول الأول: عدم صحة
وصية الهازل .
وهو قول
الحنفية ، وقول عند
الشافعية ، ومذهب
الحنابلة بناء على عدم صحة هبة الهازل.
القول الثاني: صحة وصية الهازل.
وهو قول
الشافعية على الأصح.
قال
النووي :
"الطلاق والعتق ينفذان من الهازل ظاهرا وباطنا، فلا تديين فيهما، وينفذ أيضا النكاح والبيع وسائر التصرفات مع الهزل على الأصح".
الأدلة:
أدلة القول الأول:
1 - قوله تعالى:
إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم [ ص: 358 ] 2 - ما تقدم من الأدلة على اشتراط الرضا.
وجه الدلالة: أن الهازل غير راض بفعله، ولم ينو بكلامه حقيقة الوصية، ولم يقصد إنشاءها، فلا تصح منه، فهو وإن رضي في الظاهر فإنه لم يرض في الباطن.
3 - قوله تعالى:
وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
وجه الدلالة: أن الآية دلت على اعتبار العزم، والهازل لا عزم له فلا يقع طلاقه، ومن لم يقع طلاقه لم تصح وصيته.
ونوقش الاستدلال بهذه الآية من وجهين:
الوجه الأول: أن الآية وردت في حق المولي، وأن مدة الإيلاء إذا مضت لا يقع بها طلاق كما هو قول
الحنفية ، بل لا بد من مشيئة الزوج وعزمه بعد نهاية المدة.
الوجه الثاني: أن العزم يعتبر في غير الصريح، واللفظ الصريح لا يعتبر فيه العزم.
4 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=912776 "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" .
والهازل لا نية له في الباطن.
أدلة القول الثاني:
1 - قوله تعالى:
ولا تتخذوا آيات الله هزوا [ ص: 359 ] وجه الدلالة: أن الله تعالى نهى عن اتخاذ أحكامه على طريق الهزء، فإنها جد كلها، فمن هزل فيها لزمته.
ونوقش: أنه لا يلزم من الإثم الوقوع في حكم الوصية.
(149) 2 - ولما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور في سننه من طريق
عبد الرحمن بن حبيب ، عن
عطاء ، عن
ابن ماهك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=663474 "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة" .
[ ص: 360 ] فمفهومه: أن ما عدا هذه الثلاثة لا يكون هزله جدا، بل هزلهن هزل، وعليه فلا تصح وصية الهازل.
(150) 3 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق من طريق
عبد الكريم أبي أمية ، عن
جعدة بن هبيرة أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ثلاث اللاعب فيه والجاد سواء: الطلاق، والصدقة، والعتاقة" .
(ضعيف).
[ ص: 361 ] (151) 4 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، عن
عبد الله بن نجي ، عن
علي رضي الله عنه قال: "ثلاث لا لعب فيهن: النكاح، والطلاق، والعتاقة، والصدقة..." .
(152) 5 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق من طريق
الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "ثلاث اللاعب فيه كالجاد: النكاح، والطلاق، والعتاقة" .
(153) 6 - ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق من طريق
عبد الكريم ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من طلق لاعبا، أو نكح لاعبا فقد جاز" .
[ ص: 362 ] الترجيح:
الراجح - والله أعلم -: عدم صحة وصية الهازل; لأنه وإن رضي ظاهرا لم يرض باطنا، والأصل عدم التبرع، وبراءة الذمة.
[ ص: 363 ]