الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

صفحة جزء
المطلب الثاني: الوصية للميت

اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في المسألة على أقوال:

القول الأول: إن جهل موته فالوصية باطلة، وإن علم موته فالوصية صحيحة.

وهو قول المالكية .

ونص المالكية : بأن الوصية تصرف في قضاء ما على الميت من دين، وإلا صرفت لورثته إذا لم يكن عليه دين، فإن لم يكن له وارث دفعت إلى بيت المال.

وقيل: تبطل الوصية إذا لم يكن له وارث.

القول الثاني: عدم صحة الوصية للميت.

وبه قال الحنفية ، وقول لمالك ، وهو مذهب الشافعية ، والحنابلة .

[ ص: 463 ] الأدلة:

دليل القول الأول:

1 - عموم أدلة الوصية، وهي تشمل الوصية للميت.

2 - أن المقصود بالوصية نفع الموصى له، والميت أحوج ما يكون إلى ذلك.

دليل القول الثاني:

1 - أن من شرط الموصى له أن يكون موجودا، والميت غير موجود.

ونوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يسلم اشتراط وجود الموصى له؛ ولهذا صحت الوصية للمعدوم كما حرر في موضعه.

2 - أن الوصية تمليك، والميت لا يصح تمليكه.

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أنه استدلال في محل النزاع.

الوجه الثاني: عدم التسليم; فالوصية تمليك وانتفاع وإن لم يحصل تمليك.

3 - أنه أوصى لمن لا تصح الوصية له لو لم يعلم حاله، فلا تصح إذا علم حاله، كالبهيمة.

ونوقش هذا الاستدلال: أنه لا يسلم عدم صحة الوصية للبهيمة .

4 - أنه عقد يفتقر إلى القبول، فلم يصح للميت كالهبة.

ونوقش هذا الاستدلال: بأن القبول مشترط حيث أمكن القبول، وإلا فلا يشترط كالوصية للجهة والبهيمة.

[ ص: 464 ] الترجيح:

الراجح - والله أعلم -: القول الأول ; لقوة دليله، ولأن الوصية فعل خير وقربة فيكثر منها، وعلى القول بالصحة تقضى من الوصية ديون الميت وتنفذ وصاياه.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية