[ ص: 225 ] وتخفيف الهمزة الثانية من المجتمعتين في كلمة دون الأولى; لأن الأولى لا يمكن تخفيفها; بسبب أنها مبتدأة.
فأما اللتان من كلمتين; فمن خفف الأولى; فلأنها في طرف الكلمة، والأطراف مواضع التغيير، والثانية أولى بالتحقيق; لكونها مبتدأة، وحذف من حذف; لاتفاق الحركتين في الهمزتين، فنابت الثانية عن الأولى، ولم تحذف إذ لم تتفق الحركتان، ويقوي الحذف: أنه لو جعل الهمزة بين بين في نحو:
جاء آل لوط [الحجر: 61]; لأدى ذلك إلى اجتماع أربع ألفات، وذلك مرفوض، وتلك علة من خص بالحذف المفتوحتين، دون المضمومتين والمكسورتين; أعني: [مراعاة ما يجتمع في]
جاء آل لوط .
ومن خفف الثانية من المجتمعتين في كلمتين; فلأن الاستثقال بها وقع، فكانت أولى بالتغيير، ويقويه: جري الباب على حكم واحد في المجتمعتين من كلمة أو كلمتين، وخففت الثانية من المختلفتين; لما ذكرناه، ولم يخفف الأولى منهما
[ ص: 226 ] من مذهبه تخفيف الأولى من المتفقتي الحركة; ليخالف بين البابين، وجعل التخفيف بالبدل في نحو:
السفهاء ألا [البقرة: 13]، و
من في السماء أن [الملك: 16]; لأن الهمزة لو جعلت بين بين كسائر الباب; لصارت بين همزة وألف، وقربت من الألف، فتصير كألف قبلها ضمة أو كسرة، والألف لا ينضم ما قبلها، ولا ينكسر.
ومن جمع بين الهمزتين; فلأنهما حرفان من حروف الحلق، فجمع بينهما كما يجمع بين غيرهما من سائر حروف الحلق، وقد حكاه
أبو زيد nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وقطرب عن العرب، وقد قالوا في الوقف: (هذه حبلأ)، و (رأيت رجلأ); فأبدلوا الألف همزة; كما أبدلوا الهمزة ألفا، فجرت مجرى غيرها من الحروف [في البدل، فكذلك تجري في اجتماعها مع مثلها، وإدخال من أدخل الألف بينهما; فرارا من] الجمع بينهما.
[ ص: 227 ] فأما نقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها وحذفها; فوجهه: ما ذكرناه من ثقل الهمزة، والهمزة إذا كان قبلها ساكن أثقل على اللسان من التي قبلها متحرك، وكان التخفيف فيها بإلقاء الحركة; لأن جعلها بين بين لا يسوغ; لئلا تقرب من الساكن وقبلها ساكن.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه: ولم يبدلوا; كراهة أن يدخلوها في بنات الواو والياء اللتين هما لامان; يعني: في مثل: (الخبو)، و(الخبي).