ومنعت الحروف المستعلية من الإمالة فيها; لنقص مرتبتها عن مرتبة ألف التأنيث; إذ هي مشبهة بها، لا تقوى قوتها، فمنعت هذه الحروف من إمالتها، كما تمنع في نحو: (ظالم)، و (طالب).
ولم تمل إذا كانت قبلها ألف; لأن الألف لو أميلت; لتبعها ما قبلها، ولا تبلغ من قوة هاء التأنيث أن يمال من أجلها شيئان، مع أن أكثر ما تكون الألف التي قبلها من الواو، [والإمالة في ذوات الواو] قليلة.
[ ص: 268 ] ومنعت الحاء والعين; لقربهما من الحروف الموانع.
وضارعت الحروف الأربعة التي يجمعها قولك: (أكره) الموانع، ولم تقو قوتها، فجعل لها حكم متوسط، فقوي عملها مع الكسرة والياء، ولم يقو مع الفتحة والضمة، وقرب الحروف الأربعة من الموانع: أن الهمزة والهاء تشبهان الألف والحاء والعين; لكونهما من حروف الحلق، والكاف تشبه القاف، والراء تشبه الحروف المستعلية بالتكرير الذي فيها، وقد تقدم ذكر ذلك.
فهذا اختصار علل هاء التأنيث.
فأما تفخيم
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش اللام التي قبلها الصاد والطاء [والظاء]; فوجهه: أن الصاد والطاء حرفان مطبقان، فالتفخيم أشبه بلفظهما، ففخم; ليكون اللسان عاملا عملا واحدا، ووجب ذلك في اللام دون غيرها; لشببها بالراء، والراء مشبهة بالحروف المستعلية، فأصل الراء التفخيم حتى يدخل عليها ما يوجب الترقيق، وأصل اللام الترقيق; إذ هي مشبهة بمشبه، حتى يدخل عليها ما يوجب التفخيم، فلما جاورها هذان الحرفان; استمالاها إلى لفظهما; وهو التفخيم، وقد بسطت هذا في “الكبير”.
[ ص: 269 ] وأما الراء; فقد قدمنا أن أصلها التفخيم، فرققت في بعض الأحوال; من أجل الكسرة أو الياء; لكون التفخيم مع الكسر متنافيا متباعدا في اللفظ، وخصت الساكنة بمراعاة الكسرة قبلها في مذاهب القراء سوى ورش; لأنها لا حركة لها تقوى بها، ونظير ذلك همز من همز الواو الساكنة إذا انضم ما قبلها في نحو: (السؤق); لكون الضمة التي قبلها كأنها فيها; إذ حركة الحرف الذي قبلها قد قربت منها; لتقديرها بعد الحرف المتحرك بها، فكذلك كسرة الفاء من
فرعون [البقرة: 49] كأنها في الراء.