التفسير:
فكيف إذا أصابتهم مصيبة الآية، المعنى: فكيف يكون حالهم إذا أصابتهم مصيبة؟ ونزل هذا بسبب قيام أهل المنافق الذي قتله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ـ رضي الله عنه ـ يطلبون
[ ص: 287 ] دمه، ويحلفون للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أردنا بطلب دمه إلا الإحسان، وموافقة الحق.
وقيل : المعنى: ما أردنا بالعدول عنك في المحاكمة إلا التوفيق بين الخصوم، والإحسان بالتقريب في الحكم; فقال الله ـ تعالى ـ مكذبا لهم:
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم ; أي: عن عقابهم، وقيل: فأعرض عن قبول اعتذارهم.
وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا أي: ازجرهم بأبلغ الزجر،
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : قل لهم: إن أظهرتم ما في قلوبكم; قتلتكم.
وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله قيل: معنى
بإذن الله : بعلم الله ، وقيل: بتوفيق الله; فمن وفق; أطاع، ومن خذل; عصى.
فلا وربك لا يؤمنون الآية.
دخلت (لا) على معنى الرد لكلامهم، كأنه قال: ليس الأمر، كما
يزعمون ، ثم استأنف القسم، وقيل: دخلت توطئة للنفي الذي بعدها.
[ ص: 288 ] ومعنى
شجر بينهم : اختلفوا فيه، قيل ذلك: لتداخل كلام بعضهم في بعض; كتداخل الشجر بالتفافه، وقيل: لاختلافهم; كاختلاف أغصان الشجر.
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت أي : ضيقا، وإلى هذا المعنى يرجع قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : إنه الشك، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : إنه الإثم، كأنه ضيق شك أو ضيق إثم.
ونزلت الآية في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي: في اليهودي والمنافق المتقدم ذكرهما، وقيل: في
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام ورجل من
الأنصار - قيل: هو
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة، وقيل : غيره- اختصما إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ماء; فحكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير أن يسقي به، ثم يسرحه إلى الأنصاري; فغضب الأنصاري وقال: أن كان ابن عمتك؟; فنزلت الآية.
[ ص: 289 ] وقوله:
ويسلموا تسليما أي: يسلموا لأمرك، (وتسليما) : تأكيد.
ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم الآية.
روي: أن
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس تفاخر مع يهودي، فقال اليهودي: والله لقد كتب الله علينا أن نقتل أنفسنا، ففعلنا، وبلغت القتلى سبعين ألفا; فقال
ثابت: والله لو كتب علينا أن اقتلوا أنفسكم; لفعلنا، فنزلت الآية ، فقال :
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم .
ومعنى
وأشد تثبيتا أي: تثبيتا لهم على الحق.
وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما : (إذا) ههنا: دالة على الجزاء، والمعنى : (لو فعلوا ما يوعظون به; لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما) .
ومن يطع الله والرسول الآية.
روي: أن بعض الصحابة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك - يا رسول الله - معنا في الدنيا، وترفع في الآخرة لفضلك; فنزلت، وأعلموا أنهم يزورون الأنبياء
[ ص: 290 ] عليهم السلام، ويتزاورون في الجنة، وفي الخبر: "أن الأعلى ينحدر إلى من هو دونه" .
و (الصديق) : الذي كثر منه الصدق، وفي خبر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=930863الصديقون هم المتصدقون .
وحسن أولئك رفيقا وقيل: معناه: رفقاء، فوحد، لأنه في موضع التمييز، وكأن المعنى: (وحسن كل واحد منهم رفيقا) .
فانفروا ثبات أي: جماعات في تفرقة.
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: (الثبات) : الفرق، وأصله: من ثبيت على الرجل أثبي; إذا جمعت في الثناء عليه ذكر محاسنه; فالمحذوف لام الفعل; وهي ياء، ويجمع: (ثبون) ، و (ثبون) ، جمعت بالواو والنون; ليكون ذلك عوضا من النقص
[ ص: 291 ] الذي لحقها، وأما كسر أوله; فلخروجه عن بابه; لأن حكم مثل هذا أن يجمع بالألف والتاء، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، ويصغر (ثبيات) ; لأن النقص قد زال عنه.
وقد قيل: إن المحذوف منها واو; إذ هي أكثر ما يحذف; نحو: (غد) ، و (دم) ، و(هن) ، ولا يكون المحذوف منها فاء ولا عينا; لأن الفاء لم يطرد حذفها إلا في مصادر بنات الواو; نحو: (عدة) ، ولم تحذف الواو من (فعلة) إلا في نحو قولهم: (صلة) في الصلة، ولم يأت حذف العين إلا في (سه) ، و (مذ) وهما نادران.
والمحذوف من (ثبة الحوض) - وهي وسطه الذي يثوب الماء إليه -:
[ ص: 292 ] عينها، وهي واو، وتصغيرها: (ثويبة) .
وقيل: يجوز أن تكون من: (ثبيت) ; إذا جمعت; لأن الماء إنما يجتمع من الحوض في وسطه; فيكون كالأول، ومعنى الآية : (انفروا فرقة بعد فرقة) ، وقيل : انفروا في جهات مختلفة.
أو انفروا جميعا : من غير تفرق في الأوقات والجهات، روي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره، وأصل (انفروا) : من النفور; وهو الفزع.
وخذوا حذركم : معناه: احذروا عدوكم، وقيل: خذوا سلاحكم، سمي السلاح حذرا; إذ به يكون الحذر.
وإن منكم لمن ليبطئن أي: عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم، و (اللام) في (لمن) : للابتداء، وفي (ليبطئن) : لام القسم ، والمراد: المنافقون، وقال: (منكم) ; لأنهم في ظاهر الأمر من عداد المسلمين.
فإن أصابتكم مصيبة أي: هزيمة.
ولئن أصابكم فضل من الله أي: غنيمة.
كأن لم تكن بينكم وبينه مودة أي : كأن لم يعاقدكم على الجهاد.
وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، التقدير : (ولئن أصابكم فضل من الله) ; ليقولن : يا ليتني كنت معهم; فأفوز فوزا عظيما، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة) .
[ ص: 293 ] وقيل: هو في موضعه، على معنى الحال.
وقيل: هو متصل بقوله:
إذ لم أكن معهم شهيدا .
وقول المنافق :
يا ليتني كنت معهم على وجه الحسد للمسلمين، أو الأسف على فوت الغنيمة، مع الشك في الجزاء من الله تعالى.
ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب : أوجب الله ـ تعالى ـ الجزاء على كل واحدة من الحالتين.
وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين أي: وفي المستضعفين; أي: في خلاصهم.
وقيل: وفي سبيل المستضعفين.
وقيل : (في) بمعنى: (عن) .