واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق : وجه اتصال هذه الآية بما قبلها : التنبيه من الله تعالى على أن
ظلم اليهود ونقضهم العهود كظلم أحد ابني آدم لأخيه، وفي ذلك تبكيت لمن خالف الإسلام، وتسلية للنبي عليه الصلاة والسلام.
واختلف في ابني
آدم; فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر، وغيرهما: هما ابناه لصلبه
[ ص: 445 ] هابيل وقابيل، وكان
هابيل مؤمنا،
وقابيل كافرا، وقيل: كان عاصيا، ولم يكن كافرا.
وروي: أنه إنما حسد أخاه بسبب أخته التي ولدت معه في بطن، أراد
آدم أن يزوجها من
هابيل، على ما كان يصنع من تزويج ذكر بطن من أنثى البطن الآخر، وقيل: إنه زوجها من
هابيل، فحسده
قابيل على ذلك، فلما قربا القربان الذي وصفه الله ـ تعالى ـ في القرآن، وكان قربان
هابيل كبشا، فتقبله الله تعالى، وحبسه عنده، حتى أخرجه
لإبراهيم عليه السلام فداء لابنه، وكان قربان قابيل زرعا، فلم يتقبل، وكان علامة تقبل القربان: أن تأتي نار من السماء فتأكله; فازداد
قابيل حسدا
لهابيل، فقال له : لأقتلنك، فقال: أتقتلني إذ لم يتقبل قربانك؟! فإنما يتقبل الله من المتقين.
وقوله:
إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك : قيل: معنى إرادته : أنه أراد الثواب بكف يده عمن يقتله ، فصار في ذلك بمنزلة من يريد الإثم لأخيه مجازا.
وقيل: لما كان لا بد أن يكون قاتلا أو مقتولا، أراد أن يكون مقتولا
ضرورة، وليست بإرادة محبة ولا شهوة.
[ ص: 446 ] وقيل: المعنى: إذا قتلتني أردت لك; لأن الله ـ تعالى ـ أراده للقاتل.
ومعنى
بإثمي وإثمك - فيما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود، وغيرهما-: إثم قتلك إياي، وإثمك الذي كان منك قبل قتلي.
وقيل: بإثم قتلك إياي، وإثمك الذي لم يتقبل قربانك من أجله، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد.
وقيل : قال ذلك; لأنه لو بسط يده إليه; لأثم، فرأى أنه إذا أمسك يده
عنه; رجع إثمه على صاحبه الذي بسط يده إليه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كان هذان اللذان أخبر الله عنهما من
بني إسرائيل. وذلك جزاء الظالمين : يجوز أن يكون إخبارا من الله ـ تعالى ـ عن
هابيل، ويجوز أن يكون منقطعا مما قبله.
فطوعت له نفسه قتل أخيه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : زينت له،
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : شجعته، وقيل: ساعدته، وذلك متقارب، و (طوعت) : (فعلت) ، من الطوع; وهو الإجابة إلى الشيء.
فأصبح من الخاسرين أي: ممن خسر حسناته.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : لم يدر كيف يقتله حتى علمه إبليس.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود: وجده نائما، فشدخ رأسه بحجر، فلما
[ ص: 447 ] قتله; ندم، فجلس يبكي عند رأسه، إذ أقبل غرابان، فاقتتلا، فقتل أحدهما الآخر، ثم حفر له فدفنه، ففعل القاتل بأخيه كذلك.
و (السوءة) : يراد بها: العورة، وقيل: يراد بها: جيفة المقتول.
من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل الآية.
يجوز أن يكون قوله: (من أجل ذلك) متعلقا بما تقدم ، فيكون المعنى: فأصبح من النادمين من أجل ما صنع، ويوقف على:
من أجل ذلك ، ويجوز أن يكون متعلقا بما بعده، والتمام:
من النادمين .
وقوله:
أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : معناه : من قتل نبيا، أو إماما عادلا; فكأنما قتل الناس جميعا.
ومن أحياها : من ترك قتلها خوفا من الله تعالى.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : المعنى: أنه يصير إلى جهنم بقتل نفس ، كما يصير إليها لو قتل
الناس جميعا.
وقيل: المعنى: أن عليه إثم كل قاتل إلى يوم القيامة; لأنه سن القتل، وكذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670181لا يقتل مؤمن إلى يوم القيامة إلا كان على ابن آدم [ ص: 448 ] الأول كفل من ذنب من قتله .
وقيل : معنى
فكأنما أحيا الناس جميعا : أن عليه القود، كما يجب عليه لو قتل الناس جميعا.
وقيل : معنى،
ومن أحياها : من عفا عنها إذا وجب له القصاص; كان كمن عفا عن جميع الناس لو وجب له عليهم قصاص، روي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد. nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : المعنى: من أحياها من غرق، أو حرق، أو هلاك.
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : أعظم إحيائها: أن يحييها من كفرها وضلالتها.
وقيل : معنى
فكأنما قتل الناس جميعا : أنه في الجرأة على الله بمنزلة من قتل الناس جميعا، على التشبيه، لا على الحقيقة; لأن السيئة لا يجزى إلا بمثلها، فأما الإحياء; فيجوز في جزائه التضعيف، كما يجوز في الحسنات.
وقيل : معناه : فكأنما قتل الناس جميعا عند المقتول، وكذلك الإحياء عند المحيا وهو المستنقذ من القتل.
و (الفساد في الأرض) : إخافة السبيل، وما أشبهه، وكذلك حكم الفساد في الدين.
[ ص: 449 ] وقوله:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وغيره: معنى (الوسيلة) : [التوبة، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=44الخدري nindex.php?page=hadith&LINKID=2001777عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: «الوسيلة] عند الله درجة ليس فوقها درجة» .
يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها : [قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كلما دفعتهم النار بلهبها; رجوا أن يخرجوا منها، ومثله :
كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها .
وقيل : معنى (يريدون) : يكادون.
وقيل: (الإرادة) ههنا بمعنى: التمني، كأنه قال: يتمنون أن يخرجوا من
النار.
وقوله:
والسارق والسارقة : الألف واللام فيه لتعريف النوع، لا لتعريف الجنس، وإنما يكونان لتعريف الجنس فيما تلزمه الألف واللام من أجل جنسه; كالدينار، والدرهم، فأما ما لزمتاه من أجل فعله; فهما فيه لتعريف النوع; لأن هذا الاسم يزول عنه بزوال فعله، وما كان من أجل الجنس; لا يزول عنه الاسم أبدا.