التفسير:
قوله تعالى:
وذروا ظاهر الإثم وباطنه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: يعني: علانيته وسره.
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير: (الظاهر): ما نهى الله عنه من قوله:
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء. [النساء: 22]، و (الباطن): الزنا.
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد: (الظاهر): التجرد في الطواف، و (الباطن): [الزنا، وقيل:
(الظاهر): الزنا، و (الباطن) ]: الأخدان.
وقوله:
وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم يعني: أن إبليس يوحي إلى مشركي
قريش; يقول لهم: قولوا لهم: كيف تعبدون ربا ولا تأكلون ما قتل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.
وقيل: إن الذي يوحي ذلك مردة فارس إلى أوليائهم من مردة
قريش. أومن كان ميتا فأحييناه معناه: أومن كان كافرا فهديناه]، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، وغيرهما.
وجعلنا له نورا يمشي به في الناس يعني: الإيمان، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: القرآن.
كمن مثله في الظلمات يعني: الكافر، والمعنى: كمن هو في الظلمات، وقيل: المعنى: كمن مثله مثل من هو في الظلمات.
[ ص: 665 ] ويروى: أن ذلك نزل في
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
وأبي جهل [بن هشام لعنه الله.
وقيل: نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة رضي الله عنه،
وأبي جهل]; روي: أن
أبا جهل رمى النبي صلى الله عليه وسلم بفرث، فأخبر بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة قبل إسلامه، فغضب للنبي صلى الله عليه وسلم، وأتى
أبا جهل، فعلاه بقوس كانت في يده، وأسلم
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة رضي الله عنه، ونزلت الآية في ذلك.
وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها [المعنى: وكما زينا للكافرين ما كانوا يعملون; كذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها; ليمكروا فيها، فقوله: (مجرميها): مفعول أول لـ(جعل)، و (أكابر): الثاني، و (جعل): بمعنى: (صير).
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: يعني: العلماء، وقال غيره: الرؤساء والعظماء.
و(المكر): الحيلة في مخالفة الاستقامة، وهو من الله عز وجل الجزاء على مكر الماكرين، وأصله: الفتل، فالماكر يفتل عن الاستقامة; أي: يصرف عنها.
[ ص: 666 ] وما يمكرون إلا بأنفسهم أي: وبال مكرهم راجع عليهم،
وما يشعرون أنه يرجع عليهم.
وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله أي: مثل ما أوتي
موسى وعيسى من الآيات.
الله أعلم حيث يجعل رسالته . أي: بمن هو مأمون عليها، وموضع لها.
سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله يعني: ذلة يوم القيامة، وقيل: هو على التقديم والتأخير; والمعنى: سيصيب الذين أجرموا عند الله صغار.
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: المعنى: سيصيب الذين أجرموا صغار من الله، وقيل: المعنى: صغار من عند الله.
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام أي: يوفقه له، ويزينه عنده.
ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا : (الحرج): الشديد الضيق، وقد تقدم القول فيه.
كأنما يصعد في السماء : أي: كأنه إذا دعي إلى الإسلام يتكلف الصعود في السماء من ضيق صدره.
[ ص: 667 ] كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون : أصل (الرجس) في اللغة: النتن.
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد: هو العذاب.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: (الرجس): ما لا خير فيه.
وهذا صراط ربك مستقيما يعني: القرآن، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: الإسلام.
والقول في: (دار السلام); كالقول في
سبل السلام [المائدة: 16].
ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس أي: يقال لهم ذلك، والمعنى: قد استكثرتم من إضلالهم وإغوائهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، وغيرهما.
وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض يعني: ما كانت الجاهلية تفعله من قول أحدهم إذا مر بواد في سفره: أعوذ برب هذا الوادي من جميع ما أحذر; فهذا استمتاع الإنس بالجن، واستمتاع الجن بهم: أن الإنس يعتقدون أن الجن يقدرون على دفاع ما يحذرونه عنهم.
وقيل: استمتاعهم بهم: تزيينهم لهم، وإغواؤهم إياهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج، ومعنى كون هذا الذي وصفه الله تعالى في الآخرة: تقرير الضالين
[ ص: 668 ] والمضلين، وتوبيخهم على أعين العالمين.
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا يعني: الموت، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي، وقيل: أجل الحشر.
خالدين فيها إلا ما شاء الله أي: إلا ما شاء الله من الزيادة في عذابهم; لأنهم يعذبون بغير النار في بعض الأوقات، وقيل: المعنى: إلا ما شاء الله من مقدار محشرهم ومحاسبتهم; فالاستثناء منقطع.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: الاستثناء لأهل الإيمان; فـ (ما) على هذا بمعنى: (من).
وعنه أيضا أنه قال: هذه الآية توجب الوقف في جميع الكفار، ومعنى ذلك: أنها توجب الوقف فيمن لم يمت; إذ قد يسلم.
وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون المعنى: وكما فعلنا بهؤلاء ما ذكرناه; نجعل بعض الظالمين أولياء بعض في النار.
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد: المعنى: نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس، وقيل: المعنى: نجعل ظلمة الجن أولياء لظلمة الإنس.
وقوله:
يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك: هذا يدل على إرسال رسل من الجن.
[ ص: 669 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هم الذين بلغوا قومهم ما سمعوه من الوحي، كما قال: ولوا
إلى قومهم منذرين [الأحقاف: 29].
وقيل: لما كانت الجن ممن يخاطب ويعقل; قال:
ألم يأتكم رسل منكم وإن كانت
الرسل من الإنس، وغلب الإنس في الخطاب، كما يغلب المذكر على المؤنث.
قالوا شهدنا على أنفسنا يعني: أنهم شهدوا على أنفسهم بأن الرسل جاءتهم فلم يؤمنوا.
ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها أي: الأمر ذلك، و (أن): مخففة من الثقيلة، ومعنى (بظلم): بشرك، [والمعنى: لم يكن ليعاجل قوما بشركهم، فيعاقبهم به قبل إرسال الرسل إليهم، فيقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير.
وقيل: لم يكن مهلك القرى بشرك] من أشرك منهم; فهو مثل:
ولا تزر وازرة وزر أخرى [فاطر: 18].
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: المعنى: فعل ذلك بهم; لأنه لم يكن مهلك القرى بظلم.
ولكل درجات مما عملوا أي: ولكل عامل بطاعة أو معصية درجات مما عملوه من خير أو شر.
[ ص: 670 ] وقوله:
ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين أي: يبدل غيركم مكانكم; كما تقول: (أعطيك من دينارك ثوبا).
إن ما توعدون لآت يعني: ما وعدوا به من عذاب الآخرة، فهو من (أوعدت) في الشر، ومصدره: (الإيعاد)، ويجوز أن يكون من (وعدت); على أن يكون المراد: الساعة التي في مجيئها الخير والشر، فغلب الخير، وروي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن. وما أنتم بمعجزين أي: بفائتين.
قل يا قوم اعملوا على مكانتكم : (المكانة): الطريقة; والمعنى: اثبتوا على ما أنتم عليه، على وجه التهدد.
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن: المعنى: على ناحيتكم،
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: على تمكنكم، القتبي: على موضعكم.
من تكون له عاقبة الدار أي: من يستحق عاقبتها الجميلة؟
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا : [في الكلام حذف; وهو: وجعلوا لأصنامهم نصيبا]، دل عليه ما بعده.
[ ص: 671 ] ومعنى (ذرأ): خلق، وأصله: الظهور، [فكأنه إظهار الخلق بالاختراع، ومنه قيل لظهور] الشيب: (الذرأة).
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: كانوا يجعلون له جزءا، ولشركائهم جزءا، فإذا ذهب ما لشركائهم; عوضوا منه ما لله، وإذا ذهب ما لله; لم يعوضوا منه شيئا، وقالوا: الله مستغن عنه.
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: كانوا إذا اختلط شيء مما جعلوه [لأوثانهم بما جعلوه لله تعالى; ردوه، وإذا اختلط شيء مما جعلوه لله ]; لم يردوه.
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: كانوا إذا أصابتهم سنة أخذوا ما لله، فنحروه، وأكلوه، وأنفقوه على شركائهم، ولم يفعلوا مثل ذلك فيما جعلوه للأوثان.
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد: المعنى: أنهم إذا ذبحوا ما لله; ذكروا عليه اسم آلهتهم، وإذا ذبحوا ما لآلهتهم; لم يذكروا عليه اسم الله.
وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم [المعنى: وكما زين لهؤلاء أن جعلوا لله نصيبا، ولآلهتهم نصيبا، كذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم]; أي: أن قتل شركاؤهم أولادهم.
[ ص: 672 ] nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وغيره: المعنى: زينت لهم الشياطين قتل البنات، وخوفتهم العيلة.
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج: (شركاؤهم) ههنا: هم الذين كانوا يخدمون الأوثان، وقيل: هم الغواة من الناس.
ومعنى:
ليردوهم : ليهلكوهم.
وقالوا هذه أنعام وحرث حجر : (الحرث): الزرع، الذي جعلوه لأوثانهم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك وغيره، و (الأنعام): ما تقدم ذكره من البحيرة، وما ذكر معها.
وقيل: كانوا يحلون الحرث لخدمة أوثانهم، ويحرمونه على من سواهم.
وقوله:
وأنعام حرمت ظهورها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: يعني: السائبة والوصيلة، وقيل: يعني: الحامي.
وأنعام لا يذكرون اسم الله يعني: ما ذبحوه لآلهتهم، وقيل: يعني: ما حرموا ا ركوبه على أنفسهم.
nindex.php?page=showalam&ids=16115أبو وائل: هي التي لا يحجون عليها.
و (الحجر): الحرام، حجرت على فلان كذا; أي: حرمته، وأصله: المنع.
[ ص: 673 ] وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هو اللبن، جعلوه حلالا للذكور، وحراما على الإناث.
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: ألبان البحائر.
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: يعني: البحيرة والسائبة.
و (أزواجهم): بناتهم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد، غيره: نساؤهم.
وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء يعني: ما تقدم في البحيرة والوصيلة.
و(الهاء) في (خالصة) للمبالغة، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: هي لتأنيث الأنعام.
سيجزيهم وصفهم أي: كذبهم.
قد خسر الذين قتلوا أولادهم يعني: قتلهم البنات.
وحرموا ما رزقهم الله يعني: ما ذكر في البحيرة وغيرها.
وقوله:
أنشأ جنات معروشات وغير معروشات : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وغيره: (المعروشات): ما عرش الناس من الكروم، [ و (غير المعروشات): ما في الجبال وغيرها مما لم يعرشه الناس.
وقيل: (المعروشات): التي عليها حيطان] و (غير المعروشات): التي لا حيطان عليها.
[ ص: 674 ] وقيل: (المعروشات): الكروم، و (غير المعروشات): ما سواها ما لم يعرش.
وأصل (التعريش): الرفع.