[ ص: 232 ] ولا يقبل منها شفاعة (التاء) : على اللفظ، و (الياء) : على المعنى، ومعنى (شفيع) و (شفاعة) سواء، وليس تأنيث (الشفاعة) بحقيقي; إذ ليس واقعا على أنثى من الحيوان بإزائها ذكر.
وإذ نجيناكم معطوف على {نعمتي} التي عمل فيها {اذكروا} من قوله:
نعمتي التي أنعمت عليكم .
والتشديد في {يذبحون} دال على التكثير، [والتخفيف يقوم مقام التشديد، وكذلك التشديد في {فرقنا} أشد تبعيضا من التخفيف، فالمعنى: «جعلناه فرقا» ]، والتخفيف: يؤدي عن معناه.
وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة من قرأ: {واعدنا} ؛ فالوعد كان من الله عز وجل، وليس القبول من
موسى بوعد، كما قال كثير من العلماء: لا تكون
[ ص: 233 ] المواعدة إلا بين البشر.
ومن قرأ: {واعدنا} ؛ أقام القبول من
موسى مقام الوعد، ويجوز أن يكون بمعنى: (وعدنا) ؛ مثل: (عافاه الله) ، وشبهه.
وقوله:
أربعين ليلة مفعول به ثان، على تقدير حذف المضاف، والمعنى: واعدناه تمام أربعين ليلة.
ثم اتخذتم العجل أصله: (ائتخذتم) ، فجعل لكثرته في الكلام بمنزلة ما فاؤه واو، أو ياء; نحو: (اتعد) ، و (اتسر) .
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش : حمل على ذوات الواو; لأن كل واحدة من الهمزة والواو تبدل من صاحبتها، وقد جاء: (آخذه الله) ، و (واخذه الله) .
والمفعول الثاني لـ {اتخذتم} محذوف، والتقدير: اتخذتم العجل إلها، ولا يكون من المتعدي إلى مفعول واحد; نحو
كمثل العنكبوت اتخذت بيتا [العنكبوت: 41]; لأن ظلمهم أنفسهم، والغضب الذي ينالهم; إنما هو لاتخاذهم
[ ص: 234 ] العجل إلها، لا لصياغته.
فاقتلوا أنفسكم من قرأ: {فاقتالوا} ، فهو بمعنى: (استقيلوا) ؛ كأنه قال: استقيلوا لأنفسكم، [واستصفحوا عنها; اسألوا ربكم أن يغفر لكم عن أنفسكم]، وغير معروف (افتعلوا) من هذا المعنى، إنما يقال: (استقلت) ، وقد تكون لغة.
وقوله:
وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة : {جهرة} : مصدر في موضع الحال من المضمر في {قلتم} ، أو يكون من جملة قولهم، ومعناه: حتى نرى الله عيانا.
وفتح (الهاء) من {جهرة} و {زهرة} عند البصريين لغة، وكذلك نظائرهما مما فيه حرف حلق، إذا كان ما قبله مفتوحا; كـ (البحر) و (الصخر) ، وهو عند الكوفيين قياس مطرد في كل ما فيه حرف حلق.
و {الصعقة} : مثل الزجرة; وهو الصوت الذي يكون عن الصاعقة،
[ ص: 235 ] و {الصاعقة} : هي التي تقع من السماء، وهي معروفة.
وقوله: {حطة} خبر ابتداء محذوف، أي: مسألتنا حطة، أو يكون حكاية، ولو قرئ بنصب {حطة} على معنى: احطط عنا ذنوبنا حطة; لجاز.
وما في {يغفر} من القراءات ظاهر.
والضم والكسر في {الرجز} ، و {يفسقون} لغتان.
اثنتا عشرة عينا كسر الشين لغة تميم، والإسكان لغة أهل الحجاز، وفتح الشين غير معروف، ويحتمل أن يكون لغة، وأجاز
أبو علي في الألف من (اثنتا عشرة) ، و (ثنتا عشرة) أن تكون للتأنيث، ولم يمتنع اجتماع العلامتين; [أعني: علامتي التأنيث في قوله: «اثنتا عشرة» ] من حيث كان الاسم الثاني وإن
[ ص: 236 ] ضم إلى الأول بمنزلة المضاف والمضاف إليه، فصار كقولك: (غلامة طلحة) ، قال
أبو علي : ويحسنه تباعد كل واحدة من العلامتين من الأخرى، وليس كـ (مسلمات) .
والعطف بالفاء في قوله: {فانفجرت} على محذوف; كأنه قال: (فضرب فانفجرت) .
فادع لنا ربك يخرج لنا جزم {يخرج} على معنى: (سله وقل له: أخرج; يخرج) .
وقيل: هو على معنى الدعاء على تقدير حذف (اللام) ، فلما حذفت (اللام) ؛ جعل كالجواب.
الزجاج: هذا الوجه ضعيف; لأن ما جاء على تقدير ذلك مرفوع; نحو قوله:
تؤمنون بالله ورسوله [الصف: 11]، ثم قال بعده:
يغفر لكم ذنوبكم [الصف: 12]، فهو على معنى: آمنوا يغفر لكم.
[ ص: 237 ] ومثله:
وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن [الإسراء: 53] [
أبو علي: ليس معنى
وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن الجزاء; أي: إن قلت لهم.. فعلوا; لأنه قد قال لهم ما لم يفعلوا، والمعنى أنه قال: (وقل لعبادي افعلوا) ، و (افعلوا) غير متمكن في الأفعال، فصار المتمكن لما وقع موقع غير المتمكن مثله، فاستغني بـ (يفعلوا) عن (افعلوا) ، كما وقع: (يا زيد) موقع (أنت) ، فبني كما بني، فاستغني به عن (أنت) .
وقوله:
مما تنبت الأرض [مذهب
ابن كيسان: أن المفعول محذوف، فالمعنى: يخرج لنا مما تنبت الأرض] مأكولا، فـ (من) الأولى على هذا: للتبعيض، والثانية: للتخصيص، و
من بقلها بدل من (ما) بإعادة الجار.
[ ص: 338 ] وقال غيره: (من) زائدة، والمفعول (ما) .
{وقثائها} الكسر والضم في القاف لغتان، والكسر أكثر، ومثل الضم في النوابت: (العلام) ؛ وهو الحناء، و (القلام) ؛ وهو القاقلى، و (الثغاء) ؛ وهو الخردل.
وقد تقدم القول في {وفومها} و (ثومها) ، وبدل الثاء من الفاء كثير، قالوا: (جدف) و (جدث) ، و (مغافير) و (مغاثير) ، و (قام زيد فم عمرو) .
وتقدم القول في {أدنى} و {أدنأ} ،
أبو زيد في المهموز: (دنأ الرجل
[ ص: 239 ] يدنأ، دناءة، ودناء) ، (ودنؤ يدنؤ) .
وقد تقدم القول في [صرف {مصرا} وترك صرفها].
فإن لكم ما سألتم من كسر السين; فهو من تركيب اللغة; يقال: (سألت) ، و (سلت) ، بغير همز، وهو من (الواو) بدليل قولهم: (يتساولان) ؛ فكأنه كسر السين على لغة من قال: (سلت) ، ثم تنبه إلى الهمز بعد أن كسر، كما قال: [من المتقارب]
إذا جئتهم أو سآيلتهم وجدت بهم علة حاضرة
الأصل: (ساءلتهم) ، والعادة أن تقلب الهمزة ياء، فيقال: (سايلتهم) ؛ فكأنه جمع بين العوض والمعوض منه، واضطره الوزن إلى تقديم الهمز قبل ألف (فاعلت) .
[ ص: 240 ] أبو الفتح بن جني : ويجوز أن يكون
إبدال الهمز من (سألتم) ياء كما أبدلت ألفا في نحو: [من البسيط]
سالت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما قالت ولم تصب
فانكسرت السين قبل الياء، ثم تنبه للهمزة.
وقد تقدم الهمز وتركه في {النبيئين} وما تصرف منه.
ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون قال
أبو علي : يجوز أن يكون {ذلك} بدلا من {ذلك} الذي قبله; لأنه هو، ولا يسهل أن يكون
بما عصوا بدلا من
بأنهم كانوا يكفرون } ؛ لأن قوله:
بما عصوا قد يتضمن معاني غير الكفر، وقد أخبر بها عنهم في غير موضع، فلا يسهل البدل لذلك; لأن البدل لا يكون زائدا على المبدل منه، إنما يكون وفقه أو بعضه.
* * *