التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
[ ص: 609 ] التفسير:

قال ابن عباس: (الكلمة الطيبة): لا إله إلا الله، و (الشجرة الطيبة): المؤمن، أصل الكلمة الطيبة في قلبه، وفرعها ثابت في السماء؛ أي: يرتفع بها عمل المؤمن في السماء.

مجاهد، وعكرمة: (الشجرة): النخلة، فيجوز أن يكون المعنى: أصل الكلمة ثابت في قلب المؤمن، ويجوز أن يكون المعنى: أصل النخلة ثابت في الأرض.

وقوله تعالى: تؤتي أكلها كل حين : قال ابن عباس: كل ستة أشهر.

وقال مجاهد، وابن زيد: سنة.

[وعن علي -رضي الله عنه- أيضا: أن أدنى الحين سنة].

وقيل: (الحين): شهران؛ لأن مدة إطعامها شهران، قاله ابن المسيب.

وقيل: المعنى: تؤتي أكلها كلما صعدت إلى الله تعالى؛ آتاه خيرها ومنفعتها؛ فقوله: أصلها ثابت على هذا يراد به (الكلمة)، حسب ما تقدم، و وفرعها في السماء أي: أنها تصعد، ولا تحجب.

الضحاك: هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن يطيع الله بالليل والنهار، وكل [ ص: 610 ] حين؛ كهذه التي تؤتي أكلها كل حين.

وقيل: إن (الشجرة) ههنا: شجرة في الجنة؛ وإن معنى كل حين : بكرة وعشيا، وكذلك روي عن ابن عباس: {حين} يكون غدوة وعشيا.

وقوله: ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة : (الكلمة الخبيثة): كلمة الكفر، و (الشجرة الخبيثة): شجرة الحنظل، عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما، وعن ابن عباس أيضا: أنها شجرة لم تخلق.

وقيل: هي شجرة الثوم، وقيل: هي شجرة الكشوثاء.

وقوله: اجتثت من فوق الأرض أي: قطعت جثتها بكمالها.

وقوله: ما لها من قرار أي: ما لها من أصل في الأرض تثبت عليه، وكذلك كفر الكافر ليس له ثبات ولا نفع.

وقوله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة : قيل: إن القول الثابت في الحياة الدنيا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله؛ والمعنى: أنه يثبتهم على الإيمان حتى يموتوا، والقول الثابت في الآخرة: عند المسألة في القبر، روي ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما.

[ ص: 611 ] وقوله: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا أي: جعلوا بدل نعمة الله تعالى عليهم الكفر؛ والمراد بذلك: مشركو قريش، عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وغيرهما.

وقيل: المراد بها: المشركون الذين قاتلوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم بدر.

و دار البوار : جهنم، و (البوار): الهلاك.

وقوله: قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة يعني: الصلوات الخمس.

وقوله: وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ؛ يعني: الزكاة، عن ابن عباس، وغيره.

وقوله: من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال أي: لا يباع ما أعد لهم من العذاب بفدية ولا عوض، ولا تنفعهم خلة صديق؛ فيدفع العذاب عنهم.

وقوله: وسخر لكم الشمس والقمر دائبين أي: دائبين في طاعة الله؛ والمعنى: يجريان إلى يوم القيامة، لا يفتران.

وآتاكم من كل ما سألتموه : [أي: آتاكم من كل ما سألتموه] [شيئا؛ فحذف، قاله الأخفش.

وقيل: المعنى: آتاكم من كل ما سألتموه] وما لم تسألوه؛ فحذف، كما قال: سرابيل تقيكم الحر [النحل: 81].

[ ص: 612 ] وقوله: إن الإنسان لظلوم كفار : {الإنسان}: اسم للجنس.

وقوله: واجنبني وبني أن نعبد الأصنام أي: اجعلني جانبا من عبادتها.

رب إنهن أضللن كثيرا من الناس يعني: أنهم ضلوا بسببهن.

وقوله: فمن تبعني فإنه مني أي: من أهل ديني.

وقوله: ومن عصاني فإنك غفور رحيم يعني: من تاب من معصيته قبل الموت.

عند بيتك المحرم أي: المـحرم من الاستخفاف به، وانتهاك حرمات الله تعالى فيه.

وقوله: ربنا ليقيموا الصلاة أي: أسكنتهم عند بيتك المـحرم ليقيموا الصلاة فيه.

فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم أي: تنزع إليهم، قال ابن جبير: لو قال: فاجعل أفئدة الناس؛ لحجت اليهود والنصارى.

ابن عباس: المعنى: تهوى السكنى عندهم، وهذا يقوى على قراءة من قرأ: {تهوى}.

وقوله: رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي أي: واجعل من ذريتي من يقيمها.

[ ص: 613 ] وقوله: ربنا وتقبل دعاء أي: عبادتي؛ كما قال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم الآية [غافر: 60].

وقوله: ربنا اغفر لي ولوالدي : استغفر إبراهيم لوالديه قبل أن يثبت عنده أنهما عدوان لله تعالى.

وقيل: يعني: آدم وحواء.

وقوله: {مهطعين} أي: مسرعين، عن الحسن، وقتادة، وغيرهما.

ابن عباس: (المـهطع): الدائم النظر، لا يطرف.

مجاهد، والضحاك: {مهطعين} أي: مديمي النظر.

ابن زيد: (المـهطع): الذي لا يرفع رأسه.

وقوله: مقنعي رءوسهم : قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: (الإقناع): رفع الرأس.

الحسن: وجوه الناس يومئذ إلى السماء، لا ينظر أحد إلى أحد، ويقال: (أقنع) ؛ إذا رفع رأسه، و (أقنع) ؛ إذا طأطأه ذلة وخضوعا، والآية محتملة للوجهين.

وقوله: لا يرتد إليهم طرفهم أي: نظرهم، يقال: (طرف الرجل يطرف طرفا) ؛ إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر؛ فسمي النظر طرفا؛ لأنه به يكون.

وقوله: وأفئدتهم هواء أي: لا تغني شيئا من شدة الخوف.

[ ص: 614 ] ابن عباس: لا تغني شيئا من الخير؛ فهي كالخـربة.

السدي: خرجت قلوبهم من صدورهم، فنشبت في حلوقهم.

و (الهواء) في اللغة: المجوف الخالي.

وقوله تعالى: أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال : قال مجاهد: هو قسم قريش إنهم لا يبعثون.

ابن جريج: هو ما حكاه عنهم في قوله: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت [النحل: 38].

وقوله: وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال [أي: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال]؛ أي: ليزول منه الإسلام الذي قد ثبت كثبوت الجبال.

ومن قرأ: {لتزول} ؛ فالمعنى: وإن كان الأمر كأن مكرهم لتزول منه الجبال، وهو وإن كان يبلغ إلى إزالة الجبال؛ فإنه لا يزيل الإسلام، وهو على ما تستعمله العرب من قولهم: (ولو بلغت أسباب السماء)، ونحوه.

قتادة: يعني بذلك: حين دعوا لله ولدا.

علي رضي الله عنه: يعني به: نمرود بن كنعان حين ربط النسور بتابوت، وطارت نحو [ ص: 615 ] السماء، فلما تصوبت مر بجبل، فظن أنه أمر من الله تعالى، فكاد أن يزول.

وعن ابن عباس أيضا: {مكرهم} ههنا: شركهم.

وقوله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض : أي: ينتقم من الظالمين في هذا اليوم.

قال ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما: تبدل الأرض أرضا بيضاء كالفضة، لم يسفك عليها دم حرام، ولم تعمل عليها خطيئة، وقاله الحسن، وقال: والسماوات أيضا كالفضة.

وعن ابن مسعود أيضا قال: تبدل الأرض نارا، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها.

وعن علي رضي الله عنه: أن الأرض تبدل من فضة، والسماء من ذهب.

قالت عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يكون الناس يومئذ على الصراط".

ابن جبير، ومحمد بن كعب: تبدل الأرض خبزة بيضاء، فيأكل المؤمن من تحت قدميه.

[ ص: 616 ] وقيل: معنى الآية: تذهب شمس السماء، ونجومها، وقمرها، وأنهار الأرض، وجبالها.

وقوله: وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد أي: مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم في الأصفاد؛ وهي الأغلال والقيود، واحدها: (صفد)، و (صفد).

وقوله: {سرابيلهم} أي: قمصهم، عن ابن زيد، وغيره.

وقوله: من قطران يعني: من قطران الإبل، وقيل: هو النحاس.

وقوله: ولينذروا به أي: لينذروا به عقاب الله عز وجل الذي أنزل.

التالي السابق


الخدمات العلمية