الإعراب: ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة : {مثلا}: مفعول، و {كلمة}: بدل منه.
والكاف في {كشجرة}: في موضع نصب على الحال من {كلمة} ؛ التقدير: كلمة طيبة مشبهة شجرة طيبة، ويجوز أن تكون نعتا لـ {طيبة}.
[ ص: 620 ] ومن قرأ بتنوين
من كل ما سألتموه ؛ فعلى تقدير: وآتاكم من كل شيء سألتموه أن يؤتيكم منه، وموضع (ما) نصب؛ بأنها مفعولة، وهي على قراءة الإضافة في موضع جر، والمفعول محذوف؛ التقدير: وآتاكم سؤلكم من كل شيء سألتموه، أو آتاكم من كل ما سألتموه شيئا، وقد تقدم ذكره.
ومن قرأ: {وأجنبني} ؛ فهي لغة لبني تميم، يقال: (أجنبته إجنابا) ؛ بمعنى: جنبته جنوبا.
وقوله:
ربنا ليقيموا الصلاة : دخول النداء اعتراض، و (اللام) متعلقة بـ {أسكنت}.
ومن قرأ: {تهوى إليهم} ؛ فهو محمول على المعنى؛ لأن معنى {تهوى إليهم} و (تميل) سواء، وقد تقدم القول في نظائره.
ومن قرأ: {تهوي} ؛ فهي منقولة بالهمزة من قراءة الجماعة، وهي راجعة إلى معنى المحبة؛ لأن قولك: (فلان يهوي إلى فلان) ؛ كقولك: (ينحط في هواه)، ويجوز أن تكون {تهوي} منقولة من قراءة من قرأ: {تهوى}.
وقوله:
ومن ذريتي أي: واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة؛ فحذف
[ ص: 621 ] (اجعل) في اللفظ، وهو في تقدير الثبات، كما كان الفعل في قوله:
آلآن وقد عصيت قبل [يونس: 91] مرادا؛ أي: الآن أسلمت وقد عصيت قبل؟! ومن قرأ: {ربنا اغفر لي ولوالدي} ؛ أراد: أباه وحده، ومن قرأ: {ولولدي} ؛ أراد:
إسماعيل وإسحاق، ومن قرأ: {ولولدي} ؛ فإن (الولد) يكون جمعا وواحدا، فإذا كان جمعا؛ فهو جمع (ولد) ؛ كـ (أسد وأسد)، و (الولد): يكون للواحد والجميع، والذكر والأنثى، ومثل كون (ولد) للواحد قول الشاعر: [من الطويل]
فليت زيادا كان في بطن أمه وليت زيادا كان ولد حمار
وقوله:
مهطعين مقنعي رءوسهم : حالان من الضمير المحذوف من [{الأبصار} ؛ التقدير: إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم في هاتين
[ ص: 622 ] الحالتين، والضمير المحذوف عائد على فاعل] {يعمل} في قوله:
عما يعمل الظالمون ، وكذلك:
لا يرتد إليهم طرفهم ، والوقف عليه كاف.
وقوله:
وأفئدتهم هواء : ابتداء وخبر في موضع الحال، أو منقطع مما قبله.
وزيادة الياء في {أفئدة} وجهه: إشباع حركة الهمزة، على ما قدمناه في غير موضع من إشباع الحركات، ومذهب العرب فيه.
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب :
يوم يأتيهم : مفعول، وليس بظرف لـ(الإنذار) ؛ لأن (الإنذار) لا يكون في يوم القيامة.
فيقول الذين ظلموا : معطوف على {يأتيهم}، ولا يكون جوابا لـ {وأنذر} فينصب؛ لأن المعنى يصير: إن أنذرتهم في الدنيا؛ قالوا: ربنا أخرنا إلى أجل
[ ص: 623 ] قريب، وذلك من قولهم في الآخرة، لا في الدنيا.
ومن قرأ: {ونبين لكم كيف فعلنا بهم} بالنون؛ فلقوله:
فعلنا بهم ، وقراءة الجماعة مثلها في المعنى؛ لأن ذلك لا يتبين لهم إلا بتبيين الله تعالى إياه.
ومن قرأ: {لتزول منه الجبال} ؛ فـ {إن} مخففة من الثقيلة، على ما تقدم في التفسير، ومن قرأ {لتزول} ؛ فـ {إن} بمعنى: (ما)، على ما قدمناه.
فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله : اسم الله تعالى و {مخلف}: مفعولا (تحسب)، و {رسله}: مفعول {وعده}، وهو على الاتساع؛ والمعنى: مخلف رسله وعده.
يوم تبدل الأرض غير الأرض أي: اذكر يوم تبدل الأرض غير الأرض، و {غير}: نعت لمحذوف؛ التقدير: تبدل الأرض أرضا غير الأرض، {والسماوات} أي: وتبدل السماوات.
ومن قرأ: {سرابيلهم من قطر آن} ؛ فـ (القطر): النحاس، و (الآني): الذي قد أنى وأدرك؛ أي: قد انتهى حره، ومن قرأ: {قطران} ؛ فهو قطران الإبل.
[ ص: 624 ] ومن قرأ: {ولينذروا به} ؛ فهي لغة، يقال: (نذرت بالشيء، أنذر) ؛ إذا علمت به، فاستعددت له، ولم يستعملوا منه مصدرا، كما لم يستعملوه من (عسى) و (ليس)، وكأنهم استغنوا بـ(أن) والفعل؛ كقولك: (سرني أن نذرت بالشيء).
واللامات في {ولينذروا}، و {ليعلموا}، و {ليذكر}: متعلقة بمحذوف؛ والتقدير: ولذلك أنزلناه.
ووجه كسر ياء الإضافة في {بمصرخي}: التشبيه بهاء الإضمار، فوصلت بياء؛ كما توصل هاء الإضمار، ثم حذفت الياء، وبقيت الكسرة؛ لاجتماع ثلاث ياءات، وهي لغة لبني يربوع، وقد تقدم ذكر ذلك، وبسطته في "الكبير".
* * *
هذه السورة مكية سوى ثلاث آيات منها نزلت في الذين قتلوا يوم
بدر في قول بعض المفسرين؛ وهي قوله تعالى:
ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا إلى قوله:
فإن مصيركم إلى النار [28-30].
وعددها في المدنيين والمكي: أربع وخمسون آية، وفي الشامي: خمس، وفي الكوفي: اثنتان وخمسون، وفي البصري: إحدى وخمسون.
[ ص: 625 ] اختلافها سبع آيات:
لتخرج الناس من الظلمات إلى النور : [مدنيان، ومكي، وشامي، ومثله:
أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ].
وعاد وثمود : مدنيان، ومكي، وبصري.
بخلق جديد : كوفي، ومدني الأول، وشامي.
وفرعها في السماء : الجماعة سوى المدني الأول.
وسخر لكم الليل والنهار : عدها الجماعة سوى البصري.
عما يعمل الظالمون : شامي.
* * *