الإعراب:
قوله تعالى:
ربما يود الذين كفروا : وجه وقوع المستقبل بعد (رب): أن (ما) لمـا دخلت عليها؛ صارت الكلمة بدخولها قد تغيرت عما كانت تكون عليه، فجاز وقوع المستقبل بعدها؛ كما جاز في (لم) حين كفت بـ(ما) أن تدخل على الماضي، وأن يسكت عليها في نحو: (جئت ولمــا)، وأن تكون ظرفا
[ ص: 638 ] من الزمان، ولم يكن فيها شيء من ذلك.
ويجوز أن يكون المضارع وقع موقع الماضي؛ كما وقع في قول الشاعر: [من الكامل]
ولقد أمر على اللئيم يسبني .....................
ويجوز أن يكون حكاية لما تصير إليه الحال في الآخرة، وجاز أن تدخل على الحال بعد الكف؛ كما جاز أن يتغير ما تقدم ذكره بالكف، فيكون كقوله:
وإن ربك ليحكم بينهم في أنه يراد به حكاية الحال، وإن كان قد تعلق بقوله:
يوم القيامة .
وقيل: إن وقوع المستقبل بعدها إنما هو على إضمار (كان) ؛ والمعنى: ربما كان يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين، فوقع المستقبل بعدها على هذا الحد، ولأنه أمر واقع لا محالة، فصار بمنزلة الماضي الذي قد وقع، وأنكر
أبو علي إضمار (كان)، وقال: إنه على خلاف مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه؛ لأنها لا تضمر عنده، ولم يجز: (عبد الله المقتول) على معنى: (كن عبد الله المقتول)، وأجاز: (إن خيرا فخير) ؛ على معنى: (إن يكن خيرا فخير) ؛ لأن (إن) تقتضي (يكن).
[ ص: 639 ] وتخفيف الباء من {ربما} ؛ لأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد يحذف منها؛ نحو: (إن)، و (لكن)، والتشديد على الأصل، وقد حكي فيها أيضا: {ربتما} ؛ بالتخفيف، والتشديد.
وحكي {ربما}، و {ربما}، و {ربما}، و {ربتما} ؛ بفتح الراء، مشددا ومخففا أيضا.
ووجوه القراءات المذكورة في {ما تنـزل الملائكة إلا بالحق}: ظاهرة.
إنا نحن نـزلنا الذكر : يجوز أن يكون موضع {نحن} رفعا بالابتداء، و {نـزلنا}: الخبر، والجملة خبر (إن)، ويجوز أن يكون {نحن} تأكيدا لاسم (إن) في موضع نصب، ولا يكون فاصلة؛ لأن الذي بعدها ليس بمعرفة؛ وإنما هو جملة، والجمل تكون نعوتا للنكرات، فحكمها حكم النكرات.
والتخفيف والتشديد في {سكرت}: ظاهران، التشديد للتكثير، والتخفيف يؤدي عن معناه، والمعروف أن (سكر) لا يتعدى، قال
أبو علي: يجوز أن يكون سمع متعديا في البصر.
[ ص: 640 ] ومن قرأ: {سكرت} ؛ فإنه شبه ما عرض لأبصارهم بحال السكران، كأنها جرت مجرى السكران؛ لعدم تحصيله.
وقوله:
ومن لستم له برازقين : يجوز أن يكون موضع {من} جرا؛ على العطف على المضمر، ويجوز أن يكون نصبا بإضمار فعل، أو بـ {جعلنا}، على أنه يعني به: العبيد، والإماء، والبهائم، على ما تقدم من مذاهب المفسرين فيه.
وتقدم القول في {لواقح}، و
صراط علي مستقيم .
وقوله:
إخوانا على سرر متقابلين : حال من {المتقين}، أو من المضمر في {ادخلوها}، أو من المضمر في {آمنين}، أو تكون حالا مقدرة من الهاء والميم في {صدورهم}.
وقوله:
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم : يجوز أن تكون (أن) قد سدت
[ ص: 641 ] مسد المفعولين؛ فتكون {نبئ} المتعدية إلى ثلاثة مفعولين.
فأما
ونبئهم عن ضيف إبراهيم [الحجر: 51]؛ فهو المتعدي إلى مفعولين أحدهما بحرف جر، وهذا يصحح مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في أن معنى (نبئت زيدا): نبئت عن زيد؛ وإنما عدي (نبأت) إلى ثلاثة مفعولين؛ حملا على (أعلمت) لمـا كان إياه في المعنى، ولم يخرجه شبهه بـ(أعلمت) عن أصله، وعن أن يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر.
* * *