التفسير :
قوله تعالى :
ذلك عيسى ابن مريم أي : ذلك الذي قال هذا
عيسى ابن مريم .
[ و {يمترون} معناه : يشكون ] .
وقوله :
ما كان لله أن يتخذ من ولد : لفظه لفظ الحظر ، ومعناه : النفي ؛ لأن الله عز وجل لا يحظر عليه شيء .
وقوله :
أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا أي : ما أسمعهم ! وما أبصرهم يوم القيامة ! [فهو تعجب مردود إلى المخلوقين .
[ ص: 262 ] و {اليوم} في قوله :
لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين : قيل : يراد به : يوم القيامة ، و (الضلال المبين ) : العدول عن طريق الجنة ، وقيل : إن المراد به الدنيا .
وقيل : إن
أسمع بهم وأبصر ليس بتعجب ، وإنما معناه : أسمعهم وأبصرهم أنهم يوم يأتوننا يكونون في ضلال مبين ، والباء على هذا زائدة .
وقيل : المعنى : أسمعهم وأبصرهم يوم يأتوننا ؛ أي : ذكرهم بأهواله ، ثم قال مستأنفا :
لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين .
وقيل : المعنى أسمع بهؤلاء الأنبياء المذكورين الإنس ، وأبصرهم بهم ؛ ليؤمنوا بهم ،
لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين ؛ يعني : يوم القيامة ؛ أي : لكن من كفر بهم في الدنيا يوم القيامة في ضلال مبين ، ويكون العامل في
يوم يأتوننا على هذا محذوفا ؛ كأنه قال : وأنذرهم يوم يأتوننا ؛ أي : ذكرهم به ] .
وقوله :
وأنذرهم يوم الحسرة يعني : ذبح الموت ؛ إذ يؤتى به في صورة كبش أملح ، وينادى أهل الجنة وأهل النار بالخلود ، روي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44الخدري .
وقيل : {الحسرة} : ما يراه الكفار من منازلهم التي أعدت في الجنة لو
[ ص: 263 ] أطاعوا ، وهم في النار .
وهم في غفلة وهم لا يؤمنون يعني : في الدنيا .
وقوله :
واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا : تقدم القول في (الصديق ) ، و {الكتاب} المذكور ههنا يعني به : القرآن .
وقوله :
يا أبت لا تعبد الشيطان أي : لا تطعه فيما يأمرك به من الكفر .
وقوله :
يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن : قيل : معنى {أخاف} : أعلم ؛ [أي : أعلم ذلك إن مت على ما أنت عليه ، ويجوز أن تكون {أخاف} على بابها ، ويكون المعنى : إني أخاف أن تموت على كفرك ، فيمسك العذاب ] .
وقوله :
قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك : قال الحسن : يعني : بالحجارة ، الضحاك : بالقول ، وقيل : معناه : لأقتلنك .
واهجرني مليا أي : دهرا طويلا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وغيرهما ، وهو بمعنى : الملاوة من الزمان ؛ وهو الطويل منه .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المعنى واهجرني سويا سليما من عقوبتي ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري .
فقوله : {مليا} على هذا : حال من {إبراهيم} ، وهو على القول الأول ظرف .
[ ص: 264 ] وقوله :
{قال سلام عليك أي : أمان لك مني ، لا أعاودك بما تكره ، لكني أستغفر لك ربي .
إنه كان بي حفيا : (الحفي ) : اللطيف البر ؛ والمعنى في الآية : أنه يجيبني إذا دعوته .
وقوله :
فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب أي : فلما اعتزلهم آنسنا وحشته بولد .
وقوله :
وجعلنا لهم لسان صدق عليا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : أثنينا عليهم ثناء حسنا ؛ لأن في جميع الملل يحسن الثناء عليهم .
وقوله :
واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا أي : أخلص نفسه لله ، ومن فتح اللام ؛ فالمعنى : أخلصناه من الدنس .
وقوله :
وقربناه نجيا يعني : في الكرامة والمنزلة .
وتقدم القول في :
جانب الطور الأيمن nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : يعني بـ {الأيمن} : يمين
موسى عليه السلام ؛ لأن الجبل لا يمين له ولا شمال .
وقوله :
واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد : قيل : معناه : أنه وعد من نفسه بالصبر على الذبح ، فصبر حتى فدي ، هذا في قول من يرى أن الذبيح
[ ص: 265 ] إسماعيل ، وقيل : بل هو عموم في صدق الوعد .
وقوله :
وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة يعني : أمته ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
وقوله في
إدريس عليه السلام :
ورفعناه مكانا عليا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=44والخدري ، وغيرهما : يعني : السماء الرابعة ، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار ، وقال : إنه صعد به صديق له من الملائكة ، فلما صار في الرابعة قبض روحه .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك : يعني : السماء السادسة .
وقوله :
خروا سجدا وبكيا : يجوز أن يكون قوله : {بكيا} جمع : (باك ) ، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى : البكاء ، وقد تقدم القول فيه .
وتقدم القول في (الخلف ) و (الخلف ) .
وقوله :
أضاعوا الصلاة : روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز : أن المعنى : أنهم أخروها عن وقتها .
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : هم قوم يظهرون في آخر الزمان من قبل المغرب ، وهم شر من يملك .
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : هم من أمة
محمد صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 266 ] nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : (الخلف ) ههنا : النصارى ، خلفوا بعد اليهود .
فسوف يلقون غيا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر :
(الغي ) : واد في جهنم ، وقيل : التقدير : فسوف يلقون جزاء الغي .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المعنى : يلقون خسرانا .
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : شرا .
وقيل : المعنى : يلقون خيبة من الجنة ، وعذابا في النار ، و (الغي ) في اللغة : الخيبة .
وقوله :
إنه كان وعده مأتيا : {مأتيا} : (مفعول) من الإتيان ، وكل ما وصل إليك فقد وصلت إليه .
القتبي : هو (مفعول ) بمعنى : (فاعل ) .
وقوله :
لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما : (اللغو ) : الهذر من الكلام الذي لا ينتفع به ، وقيل : هو الباطل ، وما يؤثم به ، و (السلام ) : ما يسلم معه ، وهو اسم جامع للخير ؛ والمعنى : أنهم لا يسمعون إلا ما يحبون .
وقوله :
ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يعني : مقادير الليل والنهار ، وليس فيها ليل ولا نهار .
ويروى : أن
أهل الجنة في نور أبدا ، وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء
[ ص: 267 ] الستور ، وغلق الأبواب ، ومقدار النهار بفتح الأبواب ، ورفع الحجب .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كانت العرب إذا أصاب الرجل منهم ما يأكل بالغداة والعشي ؛ أعجب به ، فأعلموا أن ذلك لهم في الجنة .