الإعراب :
قوله :
إلا تذكرة لمن يخشى : مفعول له على تقدير فعل مضمر ؛ التقدير : ما أنزلنا عليك القرآن للشقاء ، ما أنزلناه إلا للتذكرة ، ولا يجوز حمله على الفعل الأول ؛ لأن ثم مفعولا له آخر ، فلا يكونان لفعل واحد .
الكوفيون : هو تكرير ، وأجاز بعض النحويين أن يكون بدلا من {لتشقى} ، وأنكره
أبو علي ؛ من أجل أن التذكرة ليست بشقاء ، ويجوز أن ينتصب على أنه مصدر ؛ على تقدير : أنزلنا لتذكر به تذكرة .
{الرحمن} : خبر مبتدأ محذوف ، أو بدل من المضمر في {خلق} ؛ فيوقف على هذين التقديرين على {استوى} ، ولا يوقف على (العلى ) إذا قدرت {الرحمن} بدلا من الضمير في {خلق} .
ويجوز أن يكون {الرحمن} مبتدأ ، والخبر :
ما في السماوات ؛ فلا يوقف على {استوى} .
ومن كسر الهمزة من
نودي يا موسى} أني أنا ربك} ؛ فلأن النداء بمعنى القول ، ويجوز أن يكون القول مضمرا ، ومن فتح ؛ فتقديره : نودي بأني ،
[ ص: 311 ] فـ (أن ) نصب بسقوط الجار .
وفي {نودي} ضمير اسم ما لم يسم فاعله يرجع إلى {موسى} ، ولا يصح كون
يا موسى اسم ما لم يسم فاعله ، ولا
إني أنا ربك ؛ لأنهما جملتان ، والجملة لا تقوم مقام الفاعل .
ومن نون {طوى} ؛ جاز أن يكون اسم الوادي ؛ فيكون مذكرا سمى به مذكرا ، وجاز أن يكون صفة ؛ كـ (حطم ) ، على قول من قال : قدس مرتين ، ومن لم يصرفه ؛ جاز أن يكون اسم بقعة ، أو أرض ، فيكون فيه التعريف والتأنيث ، وجاز أن يكون معدولا عن (طاو ) معرفة ؛ كالقراءة المتقدم ذكرها .
وضم الطاء وكسرها لغتان ؛ كما قيل للقوم الذين يثنى بهم بعد السادة : (ثنى ) ، و (ثنى ) .
والقول في
وأنا اخترتك} وأنا اخترناك} : ظاهر .
[ ص: 312 ] ومن قرأ : {أخفيها} ؛ بضم الهمزة ، فهو على ما تقدم في التفسير ، ومن فتح الهمزة ؛ فالمعنى : أظهرها ، يقال : (خفيت الشيء ) ؛ إذا أظهرته .
[وإذا كان {أخفيها} بمعنى : أظهرها ؛ فاللام في {لتجزى} متعلقة بنفس {أخفيها} ، فلا يوقف على {أخفيها} ، وإذا كان {أخفيها} بمعنى : أسترها ؛ فاللام متعلقة بنفس {آتية} ؛ التقدير : إن الساعة آتية لتجزى كل نفس بما تسعى أكاد أخفيها ، فينبغي أن يوقف على {أخفيها} وقفة خفيفة ؛ لئلا يظن أن اللام متعلقة بنفس {أخفيها} ، وليس هو بموضع للوقف ، وإنما هو إيذان بالمعنى المذكور .
وتقدم القول في مثل : {عصاي} ، و {عصي} .
وضم الهاء وكسرها في {وأهش} : لغتان ، ومن قرأ : {أهس} ؛ بالسين ؛ فمعناه : أسوق ، يقال : (رجل هساس ) ؛ أي : سواق ، ودخلت {على} حملا على المعنى ؛ لأن فيه معنى الميل والانتحاء .
[ ص: 313 ] سنعيدها سيرتها الأولى : {سيرتها} : بدل من الهاء والألف في {سنعيدها} ، أو على تقدير : سنعيدها إلى سيرتها الأولى ؛ فحذف (إلى ) .
آية أخرى : حال من المضمر في
تخرج بيضاء ، أو منصوبة بإضمار فعل ؛ التقدير : آتيناك آية أخرى ، ويجوز رفعها على تقدير : هذه آية أخرى .
هارون أخي} : نصب {هارون} على البدل من قوله : {وزيرا} ، [أو يكون منصوبا بـ {اجعل} ؛ على التقديم والتأخير ؛ التقدير : واجعل لي
هارون أخي وزيرا ] .
والقراءتان في {أخي} {اشدد} ، و {وأشركه} ظاهرتان .
ومن أسكن اللام من {ولتصنع} ؛ فهي لام الأمر ، وظاهره للمخاطب ، والمأمور غائب ، ومن قرأ : {ولتصنع} ؛ فالمعنى : ولتكون حركتك وتصرفك بمشيئتي ، وعلى عين مني ، ومن قرأ : {ولتصنع} ؛ فالمعنى : ولتربى أو تغذى .
وتقدم القول في كسر القاف وفتحها من : {تقر} .
[ ص: 314 ] وتقدم القول في {يفرط} ، و {يفرط} : راجعة إلى معناه ؛ لأنه منقول منه ، فمعناه : يحمل على العجلة ، وفتح الياء والراء يجوز أن يكون لغة .
ومن قرأ : {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه} ؛ فالمعنى : أعطاه ما يصلحه ، ويجوز أن يكون مخصوصا ، ومفعول {أعطى} الأول محذوفا ؛ كأنه قال : أعطاكم كل شيء خلقه مما خلق ؛ لينتفع به ، ثم هداكم .
وتقدم القول في قراءة من أسكن اللام في التفسير .
ومن قرأ : {مهدا} ؛ جاز أن يكون مصدرا ؛ كـ (الفرش ) ، وجاز أن يكون على تقدير حذف المضاف ؛ والمعنى : ذات مهد .
ومن قرأ : {مهادا} ؛ جاز أن يكون مفردا ؛ كـ (الفراش ) ، وجاز أن يكون جمع (مهد ) ، استعمل استعمال الأسماء ، فكسر .
ومن أسكن الفاء من قوله : {لا نخلفه} ؛ جعله جوابا لقوله : (اجعل ) ، ومن رفع ؛ فهو نعت لـ (موعد ) ؛ والتقدير : موعدا غير مخلف .
[ ص: 315 ] ونصب قوله : {مكانا} بأنه مفعول ثان لـ (جعل ) ، ولا يحسن انتصابه بـ (الموعد ) على أنه مفعول ، أو ظرف له ؛ لأن الموعد قد وصف ، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت ؛ لم ينبغ أن تعمل ؛ لخروجها عن شبه الفعل .
ولا يكون {مكانا سوى} محمولا على
لا نخلفه} ؛ إذ ليس المعنى : لا نخلف الموعد في مكان وسط بيننا وبينك ، إنما المعنى : تواعدوا مكانا وسطا بيننا ؛ لنحضره ، ولم يحسن حمله على أنه ظرف وقع موقع المفعول الثاني ؛ لأن الموعد إذا وقع بعده ظرف ؛ لم تجره العرب معه مجرى سائر المصادر مع الظروف ؛ لكنهم يتسعون فيه ؛ كقوله تعالى :
إن موعدهم الصبح [هود : 81 ] ، و
موعدكم يوم الزينة [طه : 59 ] .
وضم السين وكسرها من {سوى} لغتان ، وهو اسم صفة ، والضم في الصفات أكثر من الكسر ؛ نحو
مالا لبدا [البلد : 6 ] ، و (رجل حطم ) ، وشبههما ، وقد جاء الكسر ؛ نحو : (قوم عدى ) .
[ ص: 316 ] ومن قرأ :
موعدكم يوم الزينة ؛ بالرفع ؛ فـ (الموعد ) على قراءته زمان ؛ التقدير : وقت موعدكم يوم الزينة ، ويقوي الرفع عطف
وأن يحشر الناس ضحى عليه ؛ لأن {أن} لا تكون ظرفا وإن كان المصدر الصريح يكون ظرفا ؛ كـ (مقدم الحاج ) ، ومن قال : (أتيتك مقدم الحاج ) ؛ لم يقل : (أتيتك أن يقدم الحاج ) ، وموضع {أن} رفع على العطف على {يوم} ، وهو على تقدير حذف المضاف ، حسب ما تقدم .
ومن نصب {يوم الزينة} ؛ جعل (الموعد ) مصدرا ، والظرف بعده خبرا عنه ، فهو كقولك : (قيامكم يوم الجمعة ) ، وهو على تقدير حذف المضاف ؛ كأنه قال : إنجاز موعدنا إياكم في يوم الزينة ، ويحتمل أن تكون {أن} من قوله :
وأن يحشر الناس ضحى رفعا على العطف على (الموعد ) ، كأنه قال : إنجاز موعدكم وحشر الناس ضحى [في يوم الزينة ، ويحتمل أن يكون جرا على العطف على {الزينة} ؛ التقدير : موعدكم يوم الزينة ] وحشر الناس ضحى ؛
[ ص: 317 ] أي : يوم هذا وهذا .
ومن قرأ : {وأن يحشر الناس} ؛ فعلى معنى : وأن يحشر الله الناس ، أو نحوه .
ومن قرأ : {وأن تحشر الناس} ؛ فالمعنى : وأن تحشر أنت الناس .
والقراءتان في {فيسحتكم} لغتان بمعنى .
* * *