التفسير :
اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون يعني : في الدنيا ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=44الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المراد بـ (الناس ) ههنا : الكفار ؛ بدليل قوله :
إلا استمعوه وهم يلعبون ، إلى قوله :
أفتأتون السحر وأنتم تبصرون .
ومعنى
ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث : محدث النزول .
[ ص: 366 ] وقيل : (الذكر ) : ما يذكرهم به النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال :
من ربهم ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بالوحي .
وقيل : (الذكر ) : الرسول ؛ كما قال :
قد أنـزل الله إليكم ذكرا} رسولا} [الطلاق : 10 ] في قول من جعل (الذكر ) : الرسول .
والواو في
وهم معرضون ،
وهم يلعبون : واو الحال .
وقوله :
وأسروا النجوى الذين ظلموا : يجوز أن يكون
الذين ظلموا بدلا من الضمير المرفوع في {وأسروا} ، وهو عائد على (الناس ) المتقدم ذكرهم ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء كون {الذين} نعتا لـ (الناس ) ، فيكون جرا ، فلا يوقف على هذين الوجهين على {النجوى} .
ويجوز أن يكون {الذين} خبر مبتدأ محذوف ، أو يكون في موضع نصب بإضمار (أعني ) ، أو يضمر قبله القول ، فيجوز الوقف على {النجوى} على هذه الوجوه .
وقوله :
هل هذا إلا بشر مثلكم ، إلى : {تبصرون} : تفسير لـ {النجوى} ؛ أي : قالوا هذا القول سرا .
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : {وأسروا} ههنا من الأضداد .
[ ص: 367 ] وقوله :
بل افتراه : دخلت {بل} وليس في الكلام جحد ؛ لأنه خبر عن أهل الجحود ، فأخبر تعالى بتناقض قولهم .
وقوله :
فليأتنا بآية يعني : مما اقترحوه .
وقوله :
ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أي : ما قدرنا على أمة الإهلاك فآمنت ؛ لتقدم القضاء عليهم بالهلاك .
وقوله :
أفهم يؤمنون أي : فكيف يؤمن هؤلاء وقد سبق القضاء بأنهم لا يؤمنون ؟ وقوله :
وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام : [وحد {جسدا} ؛ لأنه في معنى المصدر ؛ والمعنى : وما جعلناهم خلقا لا يأكلون الطعام ] ؛ والتقدير : ذوي جسد .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : المعنى : وما جعلناهم جسدا إلا ليأكلوا الطعام .
والضمير في {جعلناهم} للأنبياء الذين كانوا قبل النبي عليه الصلاة والسلام .
وقوله :
لقد أنـزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أي : حديثكم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ؛ يعني : يذكرهم ما يوعدون من ثواب أو عقاب ، وقيل : المعنى : شرفكم ، وقيل : المعنى : فيه ذكرنا لكم أمر دينكم .
وقوله :
وكم قصمنا من قرية أي : أهلكنا ، وأصل (القصم ) : الكسر .
[ ص: 368 ] وقوله :
إذا هم منها يركضون : (الركض ) : العدو بشدة الوطء .
وقوله :
لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه أي : نعمتم فيه .
وقوله :
لعلكم تسألون أي : لعلكم تسألون شيئا من دنياكم ؛ استهزاء بهم ، وقيل : المعنى : لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة ، فتخبرون به .
وقوله :
قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين : تقدم ذكر (الويل ) ومعناه .
وقوله :
فما زالت تلك دعواهم يعني : كلمة الويل ،
حتى جعلناهم حصيدا خامدين أي : حصدناهم بالعذاب كما يحصد الزرع ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : بالسيف .
ابن وهب عن رجاله : أنه كان
باليمن قريتان ، بطر أهلهما ، وأترفوا ، حتى كانوا ما يغلقون أبوابهم ؛ فبعث الله إليهم نبيا من الأنبياء ، فقتلوه ، فغزاهم
بختنصر ، فهزمهم ، فخرجوا يركضون ، فسمعوا مناديا ينادي :
لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ، فرجعوا ، فسمعوا صوتا يقول : يا لثارات النبي ؛ فقتلوا كلهم ، فهم الذين ذكر الله تعالى في هذه الآية .
وفي نظم هذه الآية تقديم وتأخير ؛ فقوله :
فلما أحسوا بأسنا متصل
[ ص: 369 ] بقوله :
وكم قصمنا ؛ ومعنى
وكم قصمنا : وكم أردنا ، حسب ما تقدم في قوله :
وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا [الأعراف : 4 ] ، ثم جاءت الفاء بعد على ذلك ، وقوله :
وأنشأنا بعدها قوما آخرين : مقدم يراد به التأخير ، وموضعه بعد قوله :
جعلناهم حصيدا خامدين ، يدل عليه قوله :
يا ويلنا إنا كنا ظالمين ، فأخبروا عن أنفسهم بما أخبر الله به عنهم من الظلم ، والقول منهم إنما كان بعد إرادة الإهلاك ، وقبل الإهلاك ، والقوم الذين أنشئوا بعد المهلكين لم يخبر عنهم بإهلاك ولا غيره .
وقوله :
لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا : (اللهو ) في قول مجاهد وغيره : المرأة ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وقال : هو لغة
أهل اليمن .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (اللهو ) ههنا : الولد ؛ والتقدير في القولين : ذا لهو .
ومعنى
لاتخذناه من لدنا : من عندنا ، ولم نخلق جنة ، ولا نارا ، ولا
[ ص: 370 ] موتا ، ولا بعثا ، ولا حسابا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وقيل : المعنى : لو كان ذلك جائزا في صفة الله عز وجل ؛ لم يتخذه ؛ بحيث يظهر لكم أو لغيركم من خلقه .
إن كنا فاعلين : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : المعنى : ما كنا فاعلين ، وقيل : المعنى : إن كنا فاعلين ذلك ، ولسنا بفاعليه .
وقوله :
بل نقذف بالحق على الباطل أي : بالقرآن على الشيطان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
{فيدمغه} أي : يهلكه .
فإذا هو زاهق أي : هالك تالف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
وقوله :
ولكم الويل مما تصفون أي : مما تكذبون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وقيل : من وصفهم الله عز وجل بغير صفاته من الولد وغيره .
وله من في السماوات والأرض ومن عنده يعني : من عنده من الملائكة الذين ادعوا أنهم بنات الله تعالى ؛ فالمعنى : كيف يتخذ صاحبة وولدا من له جميع ذلك ؟ ومعنى {عنده} : الإخبار عن قرب المنزلة .
وقوله :
ولا يستحسرون أي : لا يعيون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : لا يملون .
يسبحون الليل والنهار لا يفترون : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار : التسبيح لهم بمنزلة النفس لبني آدم .
[ ص: 371 ] وقوله :
أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون أي : يحيون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره ؛ والمعنى : هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الأرض يحيون الموتى ؟ وكذلك :
أم اتخذوا من دونه آلهة ، أي : صفتهم كما تقدم ؛ فليأتوا بالبرهان على ذلك .
ولا يكون معنى {أم} ههنا : (بل ) ؛ لأن ذلك يوجب لهم إنشار الموتى ، إلا أن تقدر (بل ) مع الاستفهام ؛ فيصح المعنى .
وقوله :
لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا يعني : لما يقع بين الشركاء من الاختلاف والتنازع .
وقوله :
لا يسأل عما يفعل وهم يسألون يعني : يوم القيامة .
وقوله :
هذا ذكر من معي وذكر من قبلي أي : هذا الذي أتلوه عليكم أن الله لم يتخذ ولدا قول
من معي في عصري ، و
من قبلي من أهل الكتاب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : الإشارة إلى القرآن فيه الحلال والحرام ،
وذكر من قبلي يعني : من الأمم السالفة ، وما صنع الله بهم .
وقيل :
ذكر من معي : بما لهم من الثواب على الإيمان ، والعقاب على الكفر ، و
وذكر من قبلي : من الأمم السالفة ؛ فيما يفعل بهم [في الدنيا ، وما يفعل بهم ] في الآخرة .
وقوله :
لا يسبقونه بالقول أي : لا يقولون حتى يقول .
[ ص: 372 ] وقوله :
ولا يشفعون إلا لمن ارتضى أي : لمن رضي عمله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الذين ارتضى لهم شهادة أن لا إله إلا الله .
وهم من خشيته مشفقون أي : خائفون .
وقوله :
ومن يقل منهم إني إله من دونه} الآية : يعني : إبليس ؛ لأنه كان من الملائكة ، قاله الضحاك ، وغيره .
وقوله :
كانتا رتقا أي : ملتزقتين ، ففصل بينهما ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد ، وغيرهما : فتق السماء بالمطر ، والأرض بالنبات ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ؛ لأن بعده :
وجعلنا من الماء كل شيء حي .
ووحد {رتقا} ؛ لأنه مصدر .
وقوله :
وجعلنا فيها فجاجا سبلا يعني : في الرواسي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقيل : في الأرض ، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ؛ لقوله :
لعلهم يهتدون أي : يهتدون إلى السير في الأرض .
و (الفجاج ) في اللغة : الطرق الواسعة بين الجبال .