وقوله تعالى:
بلى من أسلم وجهه لله : (بلى): جواب للجحد بالتكذيب.
وقيل: هي محمولة على المعنى، كأنه قيل: أما يدخل الجنة أحد؟ فقال: (بلى من أسلم وجهه).
ومعنى (أسلم وجهه): أخلصه، وخص الوجه؛ لأنه أشرف ما في الإنسان، والعرب تخبر بالوجه عن جملة الشيء.
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (أسلم وجهه): أخلص عمله.
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : استسلم لأمر الله.
وقالت اليهود ليست النصارى على شيء الآية.
قيل: كانوا يقولون ذلك قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قالوه بعد مبعثه؛ لم يكونوا كاذبين، فدل الله تعالى على بطلان إنكارهم ملة الإسلام؛ لكونهم على ذلك في متقدم الأيام، ثم قال:
كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم يعني: مشركي العرب.
[ ص: 319 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : هم أمم كانوا قبل اليهود والنصارى.
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس : المعنى: كذلك قالت اليهود مثل النصارى.
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قدم
أهل نجران على النبي عليه الصلاة والسلام، فأتتهم أحبار اليهود، فتنازعوا عند النبي عليه الصلاة والسلام، وقالت كل فرقة منهم للأخرى: لستم على شيء، فنزلت الآية.
فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : حكمه: أن يريهم من يدخل الجنة، ومن يدخل النار عيانا.
ومن أظلم ممن منع مساجد الله إلى قوله تعالى: {خائفين}.
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : يعني: كفار قريش الذين صدوا النبي عليه الصلاة والسلام عن
البيت عام
الحديبية، فمنعهم من عمارة
البيت بالتوحيد تخريب له.
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : يعني: النصارى الذين أعانوا بختنصر المجوسي على تخريب
بيت المقدس .
وقال: (مساجد) وهو يريد الواحد؛ لأن من فعل مثل ذلك الفعل في شيء من المساجد؛ دخل في الآية، أو لأن في المسجد الواحد مواضع، كل موضع منها مسجد.
و (دخولهم خائفين): إن كان في المشركين؛ فبدا النبي عليه الصلاة والسلام
[ ص: 320 ] بإبعادهم عن
المسجد الحرام، وإن كان في النصارى؛ فهم على ذلك في
بيت المقدس إلى اليوم.
و (الخزي الذي لهم في الدنيا): الجزية، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : قيام المهدي، وفتح القسطنطينية، ورومية.
و (العذاب العظيم في الآخرة): عذاب جهنم، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : معناه: في آخر الدنيا، وهو ما وعد الله به المسلمين من فتح الروم ولم يكن بعد.
وتقدم القول في:
ولله المشرق والمغرب الآية.
ومعنى
واسع عليم : واسع الرحمة، عليم أين يضعها.
وقالوا اتخذ الله ولدا : هذا إخبار عن النصارى.
كل له قانتون :
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي، وغيره: أي: يوم القيامة.
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كل قائم بالشهادة أنه عبد.
وقيل: كل دائم على حال واحدة.
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هو خاص في أهل الطاعة.
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : (القنوت): ما يرى من أثر الصنعة.
[ ص: 321 ] وأصل (القنوت): المداومة على الشيء، فهو يستعمل في طول القيام، والسكوت، وجملة الصلاة، وكله راجع إلى الطاعة.
بديع السماوات والأرض : منشئهما على غير مثال، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وغيره.
وإذا قضى أمرا أي: أتقنه، وأحكمه، وفرغ منه.
ومعنى فإنما يقول له كن فيكون : يقول من أجله.
وقيل: قال له: (كن) وهو معدوم؛ لأنه بمنزلة الموجود؛ إذ هو عنده معلوم.
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : (أمره للشيء بـ(كن) لا يتقدم الوجود، ولا يتأخر عنه، فلا يكون الشيء مأمورا بالوجود إلا وهو موجود بالأمر، ولا موجودا إلا وهو مأمور بالوجود).
قال: (ونظيره: قيام الأموات من قبورهم، لا يتقدم دعاء الله، ولا يتأخر عنه، كما قال:
ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون [الروم: 15]).
فـ (الهاء) في (له) تعود على (الأمر)، أو على (القضاء) الذي دل عليه (قضى)، أو على المراد الذي دل عليه الكلام.
وفي هذه الآية دليل على أن كلام الله تعالى غير مخلوق؛ لأنه لو كان مخلوقا؛ لكان قائلا له: (كن)، ولكان قائلا لـ(كن): (كن)، حتى ينتهي ذلك إلى ما لا
[ ص: 322 ] (يتناهى)، وذلك مستحيل، مع ما يؤدي إليه ذلك من أنه لا يوجد من الله تعالى فعل البتة؛ إذ كان لا بد أن يوجد قبله أفعال، وهي أقاويل لا غاية لها، وذلك مستحيل، ولا يجوز أن يحمل على المجاز؛ إذ ذلك إنما يكون في الجمادات، ولا يكون فيمن يصلح منه القول إلا بدليل.
ويقوي ذلك: أن المصدر فيه - الذي هو (قولنا) من قوله:
إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [النحل: 40] - مؤكد بمصدر آخر؛ وهو (أن تقول)، وأهل العربية مجمعون على أنهم إذا أكدوا الفعل بالمصدر؛ كان حقيقة وبذلك جاء قوله:
وكلم الله موسى تكليما [النساء: 164]؛ إذ كان الله تعالى متوليا تكليمه.
وقد قيل: إن
معنى فإنما يقول له كن فيكون : فإنما يكونه.
وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : يعني: مشركي العرب، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا: اليهود.
[
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : النصارى، و
الذين من قبلهم : اليهود].
وقيل: (الذين لا يعلمون): العرب، (والذين من قبلهم): الأمم المكذبة.
ومعنى (لولا): هلا.
[ ص: 323 ] تشابهت قلوبهم : أي: في الكفر، واقتراح الآيات.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
أن رافع بن حريملة قال للنبي عليه الصلاة والسلام: إن كنت رسولا؛ فقل لله يكلمنا حتى نسمع كلامه، فنزلت الآية .
وقوله:
ولا تسأل عن أصحاب الجحيم : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب : قال النبي عليه الصلاة والسلام: "
ليت شعري، ما فعل أبواي ؟"، فنزلت الآية .
غيره:
سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أي أبويه أحدث موتا؟"، فنزلت .
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم : (الملة): النحلة التي تنتحل في الدين، وأصلها: الطريقة.
وسبب الآية: أنهم كانوا يسألون المسالمة والهدنة، ويعدون النبي عليه الصلاة والسلام بالإسلام، فأعلمه الله تعالى أنهم لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم، وأمره بجهادهم.
قل إن هدى الله هو الهدى يعني: الإسلام.
ولئن اتبعت أهواءهم : جمع الأهواء؛ لاختلافها، وخاطب الله تعالى نبيه
[ ص: 324 ] بهذا؛ تأديبا لأمته.
الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : هم المؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل.
ومعنى (يتلونه حق تلاوته) في قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وغيره: [يتبعونه حق اتباعه ولا يحرفونه.
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : يؤمنون بمتشابهه، ويعملون بمحكمه، ويكلون ما أشكل منه إلى عالمه].
وقيل: يقرؤونه حق قراءته، وهو راجع إلى ما تقدم.
وخبر (الذين) قوله:
أولئك يؤمنون به ، ولا يكون الخبر (يتلونه حق تلاوته) إن حمل على العموم، ويجوز ذلك إن جعل خصوصا فيمن آمن من أهل الكتاب، وأخبر بما فيه من صفة النبي عليه الصلاة والسلام، أو في الأنبياء، أو العاملين بما فيه.