التفسير:
قوله تعالى:
إن زلزلة الساعة شيء عظيم : قال
علقمة، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي: (الزلزلة) :
من أشراط الساعة، وهي في الدنيا.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري: هو في القيامة.
وقوله:
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت : الضمير المنصوب في {ترونها} : لـ (الزلزلة) ، أو لـ (القيامة) ، وذكر (المرضعة) يدل على أنه في الدنيا; لأن القيامة لا رضاع فيها، ولا حمل.
[ ص: 427 ] وقوله:
وترى الناس سكارى يعني: من الخوف.
وقوله:
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم : هو
النضر بن الحارث، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، ومعنى {يجادل} : يخاصم في أن الله لا يقدر على بعث الموتى.
وقوله:
كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله أي: كتب ذلك على الشيطان، [و(الهاء) في {عليه} و {فأنه} : له، وفي {يضله} : لمتوليه]; والمعنى: كتب على الشيطان أنه يضل من اتبعه.
وقوله:
يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب الآية: أي: إن شككتم في البعث; فتدبروا أول خلقكم، وتقدم القول في الآية.
وقوله:
لنبين لكم : هذا جواب للقصة كلها; والمعنى: أخبرناكم بتصرف أحوال خلقكم لنبين لكم، [والوقف ههنا حسن، ثم يستأنف]:
ونقر في الأرحام ما نشاء ; [على معنى: ونحن نقر; والمعنى: نقر في الأرحام ما نشاء] إلى أجل مسمى; يعني: أجل الولادة; فلا يسقط.
ثم نخرجكم طفلا أي: أطفالا.
[ ص: 428 ] ثم لتبلغوا أشدكم أي نعمركم لتبلغوا أشدكم; يعني: كمال العقول.
[وقيل: التقدير: ثم نخرجكم طفلا; لتبلغوا أشدكم]; فـ {ثم} على هذا: زائدة.
ومنكم من يتوفى أي: قبل بلوغ الأشد،
ومنكم من يرد إلى أرذل العمر أي: يهرم، قال علي رضي الله عنه:
أرذل العمر : خمس وسبعون سنة.
وتقدم ذكر
لكيلا يعلم من بعد علم شيئا .
وترى الأرض هامدة : هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو اعتبار لأمته; ومعنى {هامدة} : غبراء متهشمة، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة.
وقوله:
فإذا أنـزلنا عليها الماء اهتزت وربت أي: تحركت وارتفعت، وقيل: التقدير: ربت واهتزت; لأن الواو لا توجب الترتيب; فـ (المهتز) على هذا: الزرع، وأخبر عن الأرض; إذ هو فيها.
وقوله:
وأنبتت من كل زوج بهيج أي: حسن، عن قتادة; أي: يبهج من رآه، و(الزوج) : الصنف.
وقوله:
ذلك بأن الله هو الحق أي: الأمر ذلك; أي: الأمر ما وصف لكم.
وقوله:
وأنه يحيي الموتى أي: يحييهم كما أحيا الأرض بعد موتها.
وقوله:
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم إلى قوله:
ثاني عطفه :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة: المعنى: لاويا عنقه كفرا.
[ ص: 429 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: معرضا عما يدعى إليه كفرا.
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد: (العطف) : ما انثنى من العنق.
ذلك بما قدمت يداك أي: يقال له: ذلك العذاب بما قدمت يداك،
وأن الله أي: وبأن الله
ليس بظلام للعبيد ، فلا يوقف على هذا التقدير على {يداك} ، ويجوز أن يكون التقدير: والأمر أن الله، فيوقف على {يداك} .
وقوله:
ومن الناس من يعبد الله على حرف أي: على شك، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وحقيقته: أنه ضعف في عبادته; كضعف القيام على حرف جرف.
وقوله:
فإن أصابه خير اطمأن به وإن أي: رخاء وعافية، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، قال:
أصابته فتنة أي: بلاء ومصيبة;
انقلب على وجهه أي: ارتد كافرا.
ونزلت هذه الآية في قوم من الأعراب، كانوا يقدمون على النبي صلى الله عليه وسلم، فيسلمون، فإن نالوا رخاء; أقاموا، وإن نالتهم شدة; ارتدوا.
وقيل: نزلت في
النضر بن الحارث، وقيل: في
شيبة بن ربيعة، كان أسلم، ثم ارتد، وقال ابن زيد وغيره: نزلت في المنافقين.
[ ص: 430 ] وقوله:
يدعو لمن ضره أقرب من نفعه : اللام- في قول
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي- مقدمة في غير موضعها، و(من) : في موضع نصب، و {ضره} : مبتدأ، و {أقرب} : خبره; والتقدير: يدعو من لضره أقرب من نفعه.
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش: {يدعوا} بمعنى: (يقول) ، و(من) : مبتدأة، و {ضره} : مبتدأ، و {أقرب} : خبره، والجملة صلة (من) ، وخبر (من) محذوف; والتقدير: يقول: لمن ضره أقرب من نفعه إلهه، ومثله قول
عنترة: [من الكامل]
يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم
الزجاج: يجوز أن يكون {يدعوا} في موضع الحال، وفيه هاء محذوفة; والتقدير: ذلك هو الضلال البعيد في [حال] دعائه إياه، فيوقف على هذا على {يدعوا} ، قال: ويجوز أن يكون {ذلك} بمعنى: (الذي) ; أي: الذي هو
[ ص: 431 ] الضلال البعيد يدعو; كما قال:
وما تلك بيمينك يا موسى [طه: 17].
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: يجوز أن يكون {يدعوا} مكررة على ما قبلها، قال: ويجوز (لمن ضره) ; بكسر اللام; أي: يدعو إلى من ضره أقرب من نفعه.
وقوله:
لبئس المولى ولبئس العشير : قيل: {المولى} : ابن العم، وقيل: الناصر، و {العشير} : الصاحب، والخليل،
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: يعني: الوثن.
وقوله:
من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: المعنى: من كان يظن أن لن ينصر الله
محمدا صلى الله عليه وسلم; فليمدد بحبل إلى سقف بيته، ثم ليختنق، قال: ومعنى {ينصره} : يرزقه.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا: أن (الهاء) تعود على {من} ; والمعنى: من كان يظن أن الله لا يرزقه; فليختنق، فيقتل نفسه; إذ لا خير في حياة تخلو من عون الله عز وجل.
وقوله:
ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ معناه: ثم ليختنق، فلينظر هل يذهبن اختناقه غيظه؟ وقال ابن زيد: المعنى: فليقطع ذلك من أصله; أي: ليقطع نصر
محمدـ صلى الله عليه وسلم ـ من حيث يأتيه، فأصله في السماء، فليمدد بسبب إلى السماء، ثم يقطع الوحي; فلينظر هل يذهب فعله ما يجد في نفسه من الغيظ في نصر الله ـ عز وجل ـ محمدا صلى الله عليه وسلم؟ وقيل: إن (الهاء) تعود على (الدين) ; والمعنى: من كان يظن أن لن ينصره الله دينه.
[ ص: 432 ] وقوله:
ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض : تقدم معنى سجود الجماد.
وقوله:
وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب أي: وكثير من الناس يسجد، وكثير يأبى السجود.
وقيل: المعنى: وكثير من الناس في الجنة، وكثير في العذاب.
وقوله:
هذان خصمان اختصموا في ربهم : قال
أبو ذر: يعني: الفريقين من المؤمنين والكافرين يوم بدر.
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: يعني: الجنة والنار، اختصمتا، فقالت النار: خلقني لعقوبته، وقالت الجنة: خلقني لرحمته.
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: نزلت هذه الآيات الثلاث على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بالمدينة، في ثلاثة نفر مؤمنين، وثلاثة كافرين، فـ (المؤمنون) :
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي، nindex.php?page=showalam&ids=136وعبيدة بن الحارث، رضي الله عنهم، و(الكافرون) :
عتبة وشيبة ابنا
ربيعة، والوليد بن عتبة، دعا
[ ص: 433 ] الكافرون المؤمنين للبراز، فنزلت الآية فيهم.
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك: نزلت على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سفر.
وقوله:
فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار أي: من نحاس، عن ابن جبير، وغيره.
يصب من فوق رءوسهم الحميم يعني: الماء المغلي.
يصهر به ما في بطونهم والجلود أي: يذاب، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير: حتى يمشوا في أمعائهم.
ولهم مقامع من حديد أي: عذاب مقامع من حديد يضربون بها، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير: حتى يسقط كل عضو على حياله.
وقوله:
كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها : روي: أن جهنم تجيش بأهلها، فتلقيهم إلى أعلى أبوابها، فيريدون الخروج، فيعيدهم الخزان فيها بالمقامع، ويقولون لهم:
وذوقوا عذاب الحريق .
وقوله ـ تعالى ـ في
وصف أهل الجنة: وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد : قيل: إن ذلك في الدنيا، هدوا إلى قول: لا إله إلا الله، وغيرها من ذكر الله، والثناء الطيب عليه، قال ابن زيد، وغيره.
وقيل: إن ذلك في الآخرة، و
الطيب من القول :
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن [فاطر: 34]، و
الحمد لله الذي صدقنا وعده [الزمر: 74]، وشبهه.
[ ص: 434 ] وقيل:
الطيب من القول : تحية الملائكة، والبشارات التي تأتيهم من عند الله، و
صراط الحميد على هذا القول: الجنة.
وقوله:
إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله : قيل: إن خبر {إن} محذوف; والتقدير: إن الذين كفروا خسروا، أو هلكوا.
وقيل: الواو في {ويصدون} : مقحمة.
والمسجد الحرام أي: ويصدون عن المسجد الحرام.
وقوله:
سواء العاكف فيه والباد يعني: أهل
مكة وغيرهم، وقد تقدم مذاهب العلماء فيه.
وقيل: المعنى: أن العاكف فيه والبادي في إقامة المناسك سواء.
وقد تقدم القول في:
ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ، والباء في {بإلحاد} زائدة; والمعنى: ومن يرد فيه إلحادا بظلم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش، وأنكره
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد، وقال: قوله: {يرد} يدل على الإرادة; والمعنى: ومن إرادته بأن يلحد
[ ص: 435 ] فيه بظلم; نذقه من عذاب أليم.
الكوفيون: دخلت الباء; لأن المعنى: بأن يلحد، والباء مع (أن) تدخل وتحذف.
وقوله:
وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت : دخلت اللام في {لإبراهيم} ; لأنه بمعنى: جعلنا مكان البيت لإبراهيم مبوأ; أي: منزلا.
وقيل: هي محمولة على معنى المصدر متعلقة به; والمعنى: واذكر تبويئنا لإبراهيم مكان البيت.
الفراء: اللام زائدة.
وقوله:
وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : أمر الله ـ تعالى ـ
إبراهيم بأن يقول: يا أيها الناس; أجيبوا ربكم، فوقرت في قلب كل مؤمن، فأجاب من قدر له الحج بـ (لبيك) .
وروي: أن
إبراهيم ـ عليه السلام ـ قال: أي رب; وأين يبلغ صوتي؟ فقال: أذن وعلي
[ ص: 436 ] البلاغ، فنادى: يا أيها الناس; كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق; فسمعه من بين السماء والأرض.
ومعنى قوله: {رجالا} : مشاة.
وعلى كل ضامر أي: وعلى كل جمل ضامر; وهو المهزول الذي أضمره بعد المسافة.
يأتين من كل فج عميق : محمول على معنى الجمع; كأنه قال: وعلى إبل ضامرة يأتين من كل فج عميق; أي: من كل طريق بعيد، عن مجاهد، وغيره.
و(العمق) في اللغة: البعد، معروف.
وجاء في الخبر: أن
إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ حجا ماشيين، وأن
آدم ـ عليه السلام ـ حج على قدميه أربعين حجة.
وقوله:
أن لا تشرك بي شيئا : إلى ههنا كله خطاب
لإبراهيم عليه السلام.
وقيل: إن خطاب إبراهيم من قوله:
أن لا تشرك بي شيئا إلى:
والركع السجود ، وقوله:
وأذن في الناس بالحج : خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم; أي: أعلمهم بفرضه عليهم، وقيل: أعلمهم أنك تحج حجة الوداع.
[ ص: 437 ] وقيل: إن الجميع خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، فالوقف - على هذا القول- على
مكان البيت كاف.
وقوله:
وليطوفوا بالبيت العتيق : روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665464 "سمي البيت العتيق; لأن الله ـ تعالى ـ أعتقه من الجبابرة، فلم يغلب عليه جبار قط". nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: سمي العتيق; لقدمه.
ابن جبير: لأنه أعتق من الغرق.