وقوله: قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق : سمى الله تعالى كل واحد من العم والجد أبا، وبدأ بذكر الجد، ثم
إسماعيل العم؛ لأنه أكبر من
إسحاق. تلك أمة قد خلت أي: مضت.
ولا تسألون عما كانوا يعملون أي: لا يؤاخذ أحد بذنب أحد.
وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا أي: دعت كل فرقة إلى ما هي عليه.
قل بل ملة إبراهيم حنيفا أي: مائلا إلى الإسلام، و (الملة): الحنيفية؛ لأنها
[ ص: 348 ] مائلة عن اليهودية والنصرانية، وهذا من الحنف في الرجل.
وقيل: معنى (الحنيف): المستقيم، سمي بذلك على التفاؤل، كما قيل للديغ: سليم.
ومعنى (بل ملة إبراهيم) فيمن نصب: بل نتبع ملة
إبراهيم، أو الزموا ملة
إبراهيم. وقوله: قولوا آمنا بالله وما أنـزل إلينا الآية.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
جاء نفر من اليهود إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فسألوه عمن يؤمن به من الأنبياء، فنزلت الآية، فلما ذكر عيسى؛ قالوا: لا نؤمن بعيسى، ولا بمن آمن به.
وقوله: {والأسباط}: (الأسباط): ولد
يعقوب، وهم اثنا عشر ولدا، ولد لكل واحد منهم أمة من الناس، وأسماؤهم فيما ذكر المفسرون:
يوسف، وبنيامين، وثفتاي، وروبيل، ويهوذا، وشمعون، ولاوي، ودان، وقهاث، [ ص: 349 ] ويشجر، وجاد، وآشر.
وسوا (الأسباط) من (السبط) ؛ وهو التتابع، فهم جماعة متتابعون، وقيل: أصله من (السبط) ؛ وهو الشجر، والسبط: الجماعة الراجعون إلى أصل واحد.
لا نفرق بين أحد منهم أي: لا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم.
فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المعنى: بما آمنتم به، فـ (مثل) على قوله زائدة، ومثله:
ليس كمثله شيء [الشورى: 11]، المعنى: ليس كربنا تعالى شيء.
وقيل: الباء زائدة، والمعنى: فإن آمنوا مثل إيمانكم.
وقيل: هي بمعنى (على)، المعنى: فإن آمنوا مثل إيمانكم].
وقيل: المعنى: فإن أتوا بتصديق مثل تصديقكم.
وإن تولوا فإنما هم في شقاق : (الشقاق): التعادي، وأصله من الشق،
[ ص: 350 ] فكل واحد من الفريقين في شق غير شق صاحبه.
وقيل: هو من (المشقة) ؛ لأن كل واحد منهما يحرص على ما يشق على صاحبه.
فسيكفيكهم الله : هذا من إعلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبره بأنه كافيه إياهم، فكان كذلك.
صبغة الله أي: دين الله، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، وغيرهما.
وأصل ذلك: أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء، وهو الذي يسمونه المعمودية، فأعلم الله أن صبغته أحسن صبغة؛ وهي الإسلام، وقيل: الختان، وذكر الصبغ ههنا اتساعا ومجازا.
ونحن له عابدون أي: صبغة الله الذي نحن له عابدون أولى بأن تتبع.
قل أتحاجوننا في الله : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كانت المحاجة أن قالوا: نحن أولى بالله منكم؛ لأننا أبناء الله وأحباؤه.
غيره: لتقدم الكتاب والنبوة فينا، ولأننا لم نعبد الأوثان.
[ ص: 351 ] ونحن له مخلصون أي مخلصون العبادة.
أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب الآية: ألزمهم الله تعالى الحجة حين قالوا:
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى [البقرة: 111]؛ بإخباره أن هؤلاء الأنبياء كانوا على الملة الحنيفية، ووبخهم على ادعائهم عليهم غير ذلك، فقال:
قل أأنتم أعلم أم الله ، و (أم) ههنا متصلة على قراءة من قرأ بالتاء في (يقولون) كأن المعنى: أتحاجوننا في الله، أم تقولون: إن الأنبياء كانوا على دينكم؟ وهي على قراءة من قرأ بالياء منقطعة.
ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله يعني: علمهم بأن
الأنبياء كانوا على الإسلام، وقيل: هو ما عندهم من صفة النبي عليه الصلاة والسلام.