الإعراب:
إثبات الياء بعد الهمزة في {اللائي} هو الأصل؛ لأنها لام الفعل من (لاء) ؛ ك (شاء) و (جاء) ؛ تقول إذا ذهب التنوين منهما: (الشائي) و (الجائي).
ومن حذف الياء؛ استغنى بالكسرة عنها، وحذفها استخفافا، وقد تقدم القول في حذف مثلها:
ومن قرأ بياء ساكنة من غير همز؛ جاز أن تكون الياء على قراءته لام الفعل، وحذفت الهمزة حذفا؛ على ما تقدم من القول في مثله، وجاز أن
[ ص: 286 ] تكون الياء بدلا من الهمزة، وهو بدل على غير قياس.
ومن كسر الياء وهو لا يهمز؛ فلالتقاء الساكنين.
والوجوه المذكورة في (تظاهرون) ظاهرة، وقد تقدم مثلها.
ولكن ما تعمدت قلوبكم : يجوز أن يكون موضع (ما) رفعا بالابتداء؛ التقدير: ولكن ما تعمدت قلوبكم مكتوب عليكم، ويجوز أن يكون موضعها جرا؛ على العطف على (ما) الأولى.
ومن أثبت الألف في {الظنونا} وصاحبيه في الوصل والوقف؛ فلثباتها في المصحف، وهي رأس آية، ورؤوس الآي تشبه القوافي؛ من حيث كانت مقاطع مثلها.
ومن حذف في الوصل دون الوقف؛ فلأن الوقف قد يزاد فيه ما لا يزاد في الوصل؛ كالتضعيف في (فرج)، ونظائره، وهاء السكت وشبه
[ ص: 287 ] ذلك، وقد يحمل الوصل على الوقف، والحذف في الوصل أكثر.
ومن ضم الميم في
لا مقام لكم ؛ احتمل أن يكون مصدرا بمعنى: لا إقامة لكم، واحتمل أن يكون اسم مكان؛ على معنى: لا موضع إقامة لكم، ومن فتح؛ فهو اسم مكان؛ أي: لا موضع لكم تقومون فيه.
ومن كسر الواو في {عورة} ؛ فهو شاذ، ومثله قولهم: (رجل عوز لوز) ؛ أي: لا شيء له، وكان القياس أن يعل، فيقال: (عارة) ؛ ك (يوم راح)، و (رجل مال) ؛ أصلهما: (روح) و (مول).
وقوله:
هلم إلينا : أصل {هلم}: (ها المم)، فـ (ها): للتنبيه، و (المم) بمعنى: اقصد، فلما كثر استعماله؛ نقلت ضمة الميم إلى اللام، واستغني عن ألف الوصل حين تحركت اللام، فحذفت، وحذفت الألف من (ها) على تقدير التقاء الساكنين؛ لأن حركة اللام عارضة.
أشحة عليكم : منصوب على الحال، من المضمر في {القائلين}، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وغيره، والعامل فيه قوله: {القائلين}، الفراء أيضا: ويجوز أن يكون العامل فيه
[ ص: 288 ] قوله: {المعوقين}، أو فعل مضمر دل عليه قوله: {المعوقين} ؛ كأنه قال: يعوقون أشحة عليكم، فيكون حالا من الفاعل في الفعل المضمر، [قال: ويجوز أن يكون حالا من الضمير] في {يأتون}، والعامل فيه: {يأتون}، ويجوز نصبه على الذم.
ولم يجز البصريون أن يعمل فيه قوله: {المعوقين}، ولا {القائلين} ؛ لأنه داخل في صلة الألف واللام، وقد فرق بينهما بقوله:
ولا يأتون البأس ، وهو غير داخل في الصلة، مع أن الحال إذا قدرت من المضمر في {المعوقين} ؛ كان داخلا في الصلة، فيفرق بين الصلة والموصول أيضا بالمعطوف؛ وهو قوله: {القائلين}، وكما لا يعمل فيه قوله {المعوقين} ؛ لما قدمناه، كذلك لا يعمل فيه فعل مضمر يفسره قوله: {المعوقين} ؛ لأن ما في الصلة لا يفسر ما ليس في الصلة.
ولو
قدر قوله: ولا يأتون البأس إلا قليلا في موضع الحال من المضمر في
[ ص: 289 ] {القائلين} ؛ لجاز عند البصريين أن يكون {أشحة} حالا من المضمر، ويعمل فيه قوله: {القائلين} ؛ لكونه داخلا في صلة الألف واللام من {القائلين}.
وقوله:
أشحة على الخير حال من المضمر في {سلقوكم}.
وقوله تعالى:
يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يجوز أن يكون قوله:
في الأعراب خبرا بعد خبر، وهو متعلق بمحذوف؛ لأن البداوة قد لا تكون في الأعراب؛ فكأنه قال: يودوا لو أنهم بادون، ويودوا لو أنهم في الأعراب.
ويجوز أن يكون
في الأعراب حالا من المضمر في اسم الفاعل الذي هو {بادون}، والعامل فيها اسم الفاعل، ويجوز على هذا التقدير أن يكون
يسألون عن أنبائكم صفة للنكرة؛ لأنه جملة، ويجوز أن يكون حالا، والعامل فيها معنى الفعل الذي في {الأعراب}، وذو الحال الذي في اسم الفاعل، ولا يكون حالا من (البداوة) ؛ لأنه لا يكون منه حالان.
ويجوز أن يكون الجار متعلقا بـ {بادون} على حد تعلق (إلى) بالفعل؛ لأن معنى (بدوت) خرجت إلى البادية، وليس هو بمعنى: ظهرت.
و {يسألون}، و {يساءلون}: ظاهران.
[ ص: 290 ] وقوله:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، ضم الهمزة وكسرها، في {أسوة} لغتان بمعنى، و {أسوة}: اسم {كان}، و {لكم}: الخبر، واللام في {لمن} متعلقة بـ {حسنة} ؛ كأنه قال: حسنت لمن كان يرجو الله، ويجوز أن تكون صفة لـ {أسوة}، وصفت بما يجري مجرى الجمل بعد الوصف بالمفرد.
ولا يجوز كون اللام في
لمن كان يرجو الله بدلا من اللام في {لكم} عند البصريين؛ لأن الغائب لا يبدل من المخاطب.
وقوله:
من يأت منكن بفاحشة مبينة : من قرأ بالتاء؛ حمله على المعنى، وكذلك {تقنت}، و {تعمل} ؛ وقد تقدم القول في الحمل على المعنى في غير موضع.
ومن قرأ: {يأت} و {يقنت} بالياء، و {تعمل} ؛ بالتاء؛ فلأن الفعل في الأولين مسند إلى ضمير {من}، ولم يتبين فاعل الفعل، فلما قال: {منكن} ؛ دل على التأنيث، فجاء بعده {تعمل} على التأنيث.
والياء في جميعهن على الحمل على المعنى.
وقوله:
فيطمع الذي في قلبه مرض : من كسر العين؛ فعلى العطف على
[ ص: 291 ] فلا تخضعن بالقول كأنه قال: فلا يطمع الذي في قلبه مرض، ومن نصب؛ فهو جواب بالفاء.
وتقدم القول في: {وقرن}.
* * *