التفسير :
روي :
أن عتبة بن ربيعة قال لقريش : أنا أستخبر لكم محمدا ، وكان قد قرأ الكتب ، وتعلم الكتابة والكهانة ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلمه بكلام كثير -وقد ذكرت بعضه في «الكبير » - فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة ، إلى أن بلغ : فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، فوثب عتبة ، ووضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم ، وناشده الله إلا سكت ، فسكت ، وانصرف عتبة ، فأخبرهم أنه سمع ما لا يشبه كهانة ، ولا شعرا ، ولا سحرا ، وأنه خاف أن تنزل به الصاعقة .
وقوله :
وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه : [(الأكنة ) جمع (كنان ) ؛ والمعنى : أنها مستورة عن فهمه .
وقوله :
ومن بيننا وبينك حجاب : قيل : أرادوا أنهم يعبدون الأصنام ،
[ ص: 8 ] وهو يعبد الله عز وجل ، وقيل : المعنى : ومن بيننا وبينك حجاب ، فنحن لا نسمع ما تدعونا إليه ] ، ولا نرى ما تريناه من الآيات .
وقوله :
فاعمل إننا عاملون أي : اعمل في هلاكنا ، فإنا عاملون في مثل ذلك ، وقيل : المعنى : فاعمل بدينك ، إنا عاملون بديننا .
وقوله :
وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة أي : لا يزكون أموالهم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس .
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : المعنى : لا يعطون التوحيد .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : لا يقرون بفرض الزكاة .
وقوله :
لهم أجر غير ممنون أي : غير مقطوع ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : غير منقوص ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : غير محسوب .
وقوله :
قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين : قد تقدم القول في خلق السماوات والأرض .
وقوله :
وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : أرزاق أهلها ، ومعايشهم .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : خلق جبالها ، وأنهارها ، وبحارها ، وأشجارها ، وسكانها .
وقوله :
سواء للسائلين : [قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : من سأل :
في كم خلق الله السماوات والأرض ؟ فقل له : في هذا ؛ فالمعنى : جوابا للسائلين ] .
[ ص: 9 ] الحسن : المعنى : في أربعة أيام مستوية تامة .
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : في الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى : وقدر فيها أقواتها سواء للمحتاجين ، واختاره الطبري .
وقوله :
فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين أي : جئنا بما أحدثت فينا من خلقك طائعين ، روي معناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقيل : جعل الله فيهما ما تميزان به ، فقالتا ذلك .
المبرد : هو إخبار عن الهيئة ؛ أي : صارتا على هيئة من قال ذلك .
وقيل : هو دلالة من الله عز وجل على سرعة الإجابة ، كما يقول القائل : افعل كذا ، فيقال له : قد فعلت ، وجاء الخبر عن السماء والأرض كالخبر عمن يعقل ؛ لأنه أخبر عنهما وعمن فيهما .
فقضاهن سبع سماوات في يومين أي : أكملهن ، وفرغ منهن .
وأوحى في كل سماء أمرها أي : أوحى فيها ما أراده ، وما أمر به فيها .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : خلق شمسها ، وقمرها ، ونجومها ، وأفلاكها .
وقوله :
فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود أي : أنذرتكم أن يصيبكم مثل ما أصابهم .
إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم يعني : من أرسل إليهم ، وإلى من قبلهم .
[ ص: 10 ] فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا أي : شديدة السموم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : شديدة البرد ، وهو المعروف ؛ لأنه مأخوذ من (الصر ) ، وفي الخبر :
«أنها كانت ريحا باردة ، تحرق كما تحرق النار » .
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : معنى (صرصر ) : شديدة عاصفة ، و {نحسات} : مشائيم .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : متتابعات ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : شداد .
وقوله :
وأما ثمود فهديناهم أي : بينا لهم الهدى والضلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره .
وقوله :
شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون : (الجلود ) يعني بها : الجلود بأعيانها في قول أكثر المفسرين ، وقال بعضهم : المراد بها ههنا : الفروج ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
وقوله :
وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم أي : من أن يشهد عليكم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : نزل هذا في ثلاثة نفر تساروا ، وقالوا : أترى أن الله يسمع إسرارنا ؟
وقوله :
فإن يصبروا فالنار مثوى لهم أي : فإن يصبروا في الدنيا على أعمال أهل النار ؛ فالنار مثوى لهم ،
وإن يستعتبوا في الدنيا وهم مقيمون على كفرهم ؛
[ ص: 11 ] فما هم من المعتبين .
وقيل : المعنى : فإن يصبروا في النار ، أو يجزعوا ؛ فالنار مثوى لهم ، ودل
وإن يستعتبوا على الجزع ؛ لأن المستعتب جزع ، و (المعتب ) : المقبول عتابه .
وقوله :
وقيضنا لهم قرناء أي : سببنا ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : خلينا بينهم .
و (القرناء ) : الشياطين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم أي : زينوا لهم ما بين أيديهم من أمر الدنيا ، فحسنوه لهم ، حتى آثروه على الآخرة ،
وما خلفهم : حسنوا لهم ما بعد مماتهم ، ودعوهم إلى التكذيب بأمور الآخرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وقيل : المعنى : قيضنا لهم قرناء في النار ، فزينوا لهم أعمالهم في الدنيا ؛ والمعنى : قدرنا عليهم أن ذلك سيكون ، وحكمنا به عليهم .
وقيل : المعنى : أحوجناهم إلى الاقتران ؛ أي : أحوجنا الفقير إلى الغني ؛ لينال منه ، والغني إلى الفقير ؛ ليستعين به ، وقيض لهم ذلك ؛ ليتعاونوا به ، فزين بعضهم لبعض المعاصي .
ابن عباس :
ما بين أيديهم : تكذيبهم بأمور الآخرة ، وما
وما خلفهم :
[ ص: 12 ] التسويف ، والترغيب في الدنيا .
وقيل :
ما بين أيديهم : ما عملوه ، و
وما خلفهم : ما عزموا على أن يعملوه .
وقيل : المعنى : زينوا لهم مثل ما تقدم لهم قبل من المعاصي ، و
وما خلفهم : ما يعمل بعدهم .
وقوله :
وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم أي : وجب عليهم من العذاب ما وجب على الأمم الذين [من قبلهم ، الذين ] كفروا ككفرهم .
وقيل : {في} بمعنى : (مع ) ؛ فالمعنى : هم داخلون مع الأمم الكافرة قبلهم فيما دخلوا فيه .
وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قال
أبو جهل : إذا قرأ
محمد ؛ فصيحوا في وجهه ؛ حتى لا يدري ما يقول .
قيل : إنهم فعلوا ذلك لما أعجزهم القرآن .
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : المعنى : والغوا فيه بالمكاء والتصفيق .
[ ص: 13 ] و (اللغو ) في اللغة : ما لا يعرف له حقيقة ، ولا تحصيل .
وقوله :
ذلك جزاء أعداء الله النار أي : ذلك العذاب الشديد ، ثم بينه بقوله : {النار} .
وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس يعني : إبليس ، وابن آدم الذي قتل أخاه ، عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وغيرهما .
وقيل : هو بمعنى الجنس ، وأتى على التثنية ؛ لاختلاف الجنسين .
وقوله :
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا : قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه : استقاموا على ألا يشركوا بالله شيئا .
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : استقاموا على طاعة الله عز وجل .
وقوله :
تتنـزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا يعني : البشارة التي عند الموت .
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هي بشرى تكون لهم من الملائكة في الآخرة .