التفسير :
تقدم القول في {حم} ، وجواب القسم الذي هو
والكتاب المبين : قوله :
إنا كنا منذرين ، وقيل :
إنا أنـزلناه ، وأنكره بعض النحويين ؛ من حيث كان صفة [للمقسم به ، ولا تكون صفة المقسم به جوابا ] للقسم .
[ ص: 94 ] والهاء في {أنـزلناه} : للقرآن .
و (الليلة المباركة ) : ليلة القدر ، قيل : ابتدئ إنزاله فيها ، وقيل : أنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقيل : المعنى : [إنا أنزلناه في تفضيل ليلة القدر .
وقوله :
فيها يفرق كل أمر حكيم : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ] :
يحكم الله تعالى أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ؛ ما كان من حياة ، أو موت ، أو رزق ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وقال : إلا الشقاء والسعادة ؛ فإنهما لا يتغيران ؛ ومعنى هذا القول : أمر الله عز وجل الملائكة بما يكون في ذلك العام ، ولم يزل ذلك في علمه عز وجل .
[وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : أن الليلة المباركة المذكورة ههنا :
ليلة النصف من شعبان ] .
وقوله :
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين : قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : لم يأت الدخان بعد ، وسيأتي دخان يصيب المؤمنين منه مثل الزكام ، وينفذ الكافر ، وروى
حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أنه
من آيات الساعة ) .
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : (الدخان ) ما ينتظر بهم يوم القيامة .
[ ص: 95 ] nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : قد مضى الدخان ؛ وهو ما أصاب المشركين من الجوع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانا ، قال : وقد كشفه الله تعالى عنهم ، ولو كان يوم القيامة ؛ لم يكشفه عنهم .
ربنا اكشف عنا العذاب : [أي : يقولون : ربنا اكشف عنا العذاب ] .
أنى لهم الذكرى أي : من أي وجه يكون لهم التذكر عند حلول العذاب ؟
وقد جاءهم رسول مبين أي : يبين لهم الحق .
وقوله :
وقالوا معلم مجنون أي : علم ما جاء به ، وليس من عند الله .
وقوله :
إنا كاشفو العذاب قليلا أي : وقتا قليلا .
وقوله :
إنكم عائدون أي : عائدون في المعاصي بعد كشفه .
وقيل : المعنى : إنكم عائدون إلينا ؛ أي : مبعوثون بعد الموت .
وقيل : المعنى : إنكم عائدون في عذاب الله في الآخرة إن لم تؤمنوا .
وقوله :
يوم نبطش البطشة الكبرى : ابن مسعود ، وابن عباس ، وغيرهما :
[ ص: 96 ] يعني : يوم بدر ؛ والمعنى : ننتقم منكم إن عدتم إلى كفركم [يوم نبطش البطشة الكبرى ] .
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة : يعني بـ
البطشة الكبرى : يوم القيامة .
وقوله :
وجاءهم رسول كريم أي : كريم في قومه ، وقيل : عند ربه ؛ والتقدير : ولقد جاء قوم فرعون رسول كريم ، وفتناهم ؛ أي : عذبناهم بالغرق ، والواو لا ترتب .
أن أدوا إلي عباد الله أي : اتبعوني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فـ
عباد الله : منادى .
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : المعنى : أرسلوا معي عباد الله ، فـ
عباد الله على هذا مفعول .
ومعنى {أمين} : أمين على الوحي .
ومعنى {فاعتزلون} : دعوني كفافا ، لا علي ولا لي .
وقوله :
فدعا ربه أي : فكفروا ، فدعا ربه .
وقوله :
فأسر بعبادي ليلا أي : فأجابه بأن قال له :
فأسر بعبادي ليلا .
[ ص: 97 ] واترك البحر رهوا أي : طريقا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، الضحاك : سهلا ، وقيل : متفرقا .
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : يابسا ، وعنه : ساكنا ، وهو المعروف في اللغة .
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : أراد
موسى لما خرج بنو إسرائيل من البحر- أن يضرب البحر بعصاه ؛ ليعود كما كان ؛ خوفا من فرعون وقومه ، فأمر بتركه على حاله ، وأخبر بأنهم قوم مغرقون ، فالأمر على هذا وقع من الله تعالى لموسى بعد قطعه البحر ، وفي الكلام حذف دل عليه المعنى .
وقوله :
فما بكت عليهم السماء والأرض : قال علي رضي الله عنه : يبكي على المؤمن مصلاه ، والباب الذي يصعد منه عمله .
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : (بكاء السماء ) : حمرة أطرافها .
وفي الخبر :
«أن السماء والأرض تبكيان على المؤمن إذا مات أربعين صباحا » .
وقيل : المعنى : فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض ، والعرب تستعمل هذا في من تعظم موته .
وقوله :
ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين يعني : ما كانت القبط تفعله بهم .
[ ص: 98 ] وقوله :
ولقد اخترناهم على علم على العالمين أي : على علم منا بهم ؛ أي : لكثرة الأنبياء منهم .
ومعنى {العالمين} : عالمو زمانهم .
وقوله :
وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين يعني : إنجاءهم من عدوهم ، وغيره من نعمه عليهم ، وقيل : (البلاء ) : ما لحقهم من العذاب حين كفروا بالآيات .
وقوله :
وما نحن بمنشرين أي : بمبعوثين .
وقوله :
فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هذا مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وحده .
وقيل : هو مخاطبة له ولتباعه ؛ والمعنى : أحيوا لنا آباءنا ؛ لنسألهم عن صدقكم .
[ ص: 99 ] وقوله :
أهم خير أم قوم تبع : قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : كان تبع رجلا صالحا ، فذم الله تعالى قومه ، ولم يذمه .
كعب : كان ملكا من الملوك ، وكان قومه كهانا ، وكان معهم قوم من أهل الكتاب ، فأمر الفريقين أن يقرب كل فريق منهم قربانا ، ففعلوا ، فتقبل قربان أهل الكتاب ، فأسلم .
أبو عبيدة : {تبع} : اسم كل ملك من ملوك
اليمن ، سمي بذلك ؛ لأنه يتبع صاحبه .
والذين من قبلهم يعني : الذين من قبل قوم تبع من الأمم الكافرة ؛ والمعنى : أن هؤلاء المتقدمين كانوا أفضل من قومك ، فأهلكوا بذنوبهم .
وقوله :
إن شجرت الزقوم طعام الأثيم : قال
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء : طعام الفاجر ، وكذلك قرأ هو
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود .
وقوله :
خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم أي : يقول للملائكة : خذوه
[ ص: 100 ] مجاهد : معنى (اعتلوه ) : ادفعوه ، و (العتل ) : الجر بعنف وشدة .
و
سواء الجحيم : وسطه .
وقوله :
ذق إنك أنت العزيز الكريم أي : يقال له : ذق ؛ إنك أنت العزيز الكريم في قومك ، أو على زعمك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : نزلت في أبي جهل ، وقد كان نزل فيه :
أولى لك فأولى [القيامة : 34 ] ، فقال : أيوعدني محمد وما بين جبليها أعز مني ؟! وقوله :
إن المتقين في مقام أمين أي : في إقامة ؛ في من ضم ، وهو بالفتح : المكان ، وقد تقدم القول في مثله ، ومعنى {أمين} : يؤمن فيه من الآفات .
وقوله :
كذلك وزوجناهم بحور عين أي : كما أدخلناهم الجنة ، وفعلنا بهم ما تقدم ذكره ؛ كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم حورا عينا .
ويجوز أن يكون التقدير : الأمر كذلك ؛ فيوقف على {كذلك} .
[ ص: 101 ] وقوله : {آمنين} : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : آمنين من الموت ، والوصب ، والشيطان .
وقيل : آمنين من انقطاع ما هم فيه [من النعيم ، وما يدعون به من الفاكهة ] .
وقوله :
لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى أي : لا يذوقون فيها الموت ألبتة ، ثم قال :
إلا الموتة الأولى ؛ على الاستثناء المنقطع .
وقيل : إن {إلا} بمعنى : (سوى ) .
وقيل : {إلا} بمعنى : (بعد ) ؛ كقولك : (ما كلمت رجلا اليوم إلا رجلا عندك ) ؛ [أي : بعد رجل عندك ] .
وقوله :
فضلا من ربك أي : فعل ذلك بهم تفضلا منه عليهم .
وقوله :
فارتقب إنهم مرتقبون أي : انتظر الفتح ، إنهم منتظروه عند أنفسهم .
وقيل : المعنى : انتظر أن يحكم الله بينك وبينهم ؛ فإنهم ينتظرون بك ريب الحدثان .