التفسير :
قوله تعالى :
إنا فتحنا لك فتحا مبينا : قيل : نزلت حين قالت اليهود لما سمعت
وما أدري ما يفعل بي ولا بكم [الأحقاف : 9 ]- : كيف نتبع من لا يدري ما يفعل به ؟
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : المعنى : قضينا لك قضاء مبينا .
و (الفتح ) ههنا : فتح الحديبية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره .
[ ص: 168 ] nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : هو الهدنة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين بالحديبية .
وقوله :
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك أي : قبل النبوة ،
وما تأخر : بعد النبوة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وقيل : المعنى : إنا فتحنا لك باجتناب الكبائر ؛ ليغفر لك الله الصغائر .
وقوله :
وينصرك الله نصرا عزيزا أي : لا يتبعه ذل .
وقوله :
هو الذي أنـزل السكينة في قلوب المؤمنين يعني : السكون والطمأنينة .
وقوله :
الظانين بالله ظن السوء يعني : ظنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرجع ؛ كما قال تعالى :
بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا [الفتح : 12 ] وقوله :
لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه أي : تعظموه ، وتفخموه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : تنصروه ، والهاء في {توقروه} للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفي {تسبحوه} لله عز وجل ، وقيل : الضمائر كلها لله عز وجل .
وقوله :
يد الله فوق أيديهم : قيل : المعنى : يده في الثواب فوق أيديهم في الوفاء ، ويده في المنة عليهم بالهداية فوق أيديهم في الطاعة ، وقيل : المعنى : قوة الله فوق قوتهم .
وقوله :
إنما يبايعون الله أي : عقدك البيعة عليهم عقد الله عز وجل .
[ ص: 169 ] وقوله :
فمن نكث فإنما ينكث على نفسه يعني : لأنه حرم نفسه الثواب ، وألزمها العقاب .
وقوله :
سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا يعني : الذين تخلفوا عن الحديبية ؛ وهم
مزينة ،
وجهينة ،
وأسلم ، وهم الأعراب الذين كانوا حول المدينة ، فجاءوا يسألون الاستغفار واعتقادهم خلاف ظاهرهم ، ففضحهم الله عز وجل .
وقوله :
بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول الآية : أي : إنما تخلفتم بسبب ذلك الظن ، وقد اختصرت خبر الحديبية في «الكبير » .
وقوله :
سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : تخلفوا عن الخروج إلى
مكة ، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ قوما ، ووجه بهم ؛ قالوا : ذرونا نتبعكم .
وقوله :
يريدون أن يبدلوا كلام الله :
قيل : هو قوله :
فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا [التوبة : 83 ] ،
[ ص: 170 ] وأنكر ذلك الطبري ؛ بسبب أن غزوة تبوك كانت بعد فتح خيبر ، وبعد فتح مكة .
وقيل : المعنى : يريدون أن يبدلوا وعد الله الذي وعد بفتح
خيبر ، وخص به أهل
الحديبية ؛ عوضا من غنائم
مكة ؛ إذ رجعوا من
الحديبية على صلح ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري .
وقوله :
كذلكم قال الله من قبل أي : قبل رجوعنا من الحديبية : إن
غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية خاصة .
وقوله :
قل للمخلفين من الأعراب أي : قل لهؤلاء الذين تخلفوا عن الحديبية :
ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير : يعني : هوازن ، وثقيف .
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن : فارس والروم .
وقيل : هم
بنو حنيفة الذين قاتلهم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه على الردة ، وفي
[ ص: 171 ] هذا
دليل على صحة خلافة أبي بكر رضي الله عنه ؛ لأنه قال :
تقاتلونهم أو يسلمون ؛ لأن ذلك ليس لمن تؤخذ منه الجزية .
وقوله :
لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة يعني :
بيعة الرضوان التي كانت في
الحديبية ، بايع المسلمون النبي صلى الله عليه وسلم تحت سمرة على الموت ، وكانوا ألفا وست مئة ، وقيل فيما زاد على الألف : إنه خمس مئة ، وقيل : ثلاث مئة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ألف وخمس مئة وعشرون .
وقوله :
وأثابهم فتحا قريبا يعني : فتح
خيبر ، [عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى وغيره ، وقيل : هو فتح
مكة ] ، وكانت
خيبر بين
الحديبية ومكة .
وقوله :
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه : [أي : خيبر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ] : عجل لكم صلح
الحديبية .
وقوله :
وكف أيدي الناس عنكم : [يعني : أنه كف أيدي المشركين عنكم بالحديبية .
[ ص: 172 ] وقيل : كف أيدي اليهود عن
المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى
الحديبية وخيبر ، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ؛ لأن كف أيدي المشركين
بالحديبية مذكور في قوله :
وهو الذي كف أيديهم عنكم [الفتح : 24 ] ابن عباس في
وكف أيدي الناس عنكم : يعني :
عيينة بن حصن الفزاري ،
وعوف بن مالك النصري ، ومن كان معهما ؛ إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر ، والنبي صلى الله عليه وسلم محاصر لهم ، فألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب ، وكفهم عن المسلمين .
وقوله :
وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هي الفتوح التي فتحت للمسلمين ، وعنه أيضا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ، وغيرهما : هي خيبر .
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى : فارس والروم .
[ ص: 173 ] nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هي ما يكون إلى يوم القيامة .
قتادة : هو فتح مكة .
وقوله :
ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : يعني : كفار
قريش في الحديبية .
وقوله :
هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله أي : محبوسا عن أن يبلغ
مكة .
وقوله :
ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم الآية : جواب {لولا} محذوف ؛ والتقدير : ولولا أن تطؤوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم ؛ لأذن الله لكم في دخول مكة ، ولسلطكم عليهم .
ومعنى (المعرة ) : العيب ، وهي (مفعلة ) من (العر ) ؛ وهو الجرب ؛ أي : يقول المشركون : قد قتلوا أهل دينهم .
وقيل : المعنى : يصيبكم من قتلهم ما تلزمكم من أجله كفارة قتل الخطأ .
وقوله :
ليدخل الله في رحمته من يشاء أي : لو قتلتموهم ؛ لأدخلهم الله في رحمته .
وقيل : المعنى : لم يأذن الله لكم في قتالهم ؛ ليسلم من قضى له أن يسلم
[ ص: 174 ] من أهل
مكة .
وقوله :
لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما أي : لو زال المؤمنون من بين أظهر الكفار ؛ لعذب الكفار بالسيف .
وقوله :
إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية الآية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : حميتهم أنهم لم يقروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقروا بـ(بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وحالوا بين المسلمين وبين البيت ، وكان الذي امتنع من كتاب (بسم الله الرحمن الرحيم ، ومحمد رسول الله )
nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو ، وقد ذكرت ذلك في «الكبير » .
وقوله :
وألزمهم كلمة التقوى : هي (لا إله إلا الله ) ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه وغيره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، وزاد :
(محمد رسول الله ) .
الزهري :
كلمة التقوى : (بسم الله الرحمن الرحيم ) .
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هي (لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) .
وكانوا أحق بها وأهلها : لأن الله تعالى اختارهم لدينه .