(عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس في حب ولا تمر صدقة) بفتح التاء الفوقية، وإسكان الميم.
وفي رواية: (ثمر) بفتح المثلثة، وفتح الميم.
[ ص: 434 ] (حتى يبلغ خمسة أوسق) . جمع (وسق) . فيه لغتان: فتح الواو، وهو المشهور. وكسرها.
وأصله في اللغة: الحمل. والمراد به هنا: ستون صاعا، كل صاع: خمسة أرطال وثلث، بالبغدادي.
وفي " رطل بغداد " أقوال. أظهرها أنه: (مائة درهم، وثمانية وعشرون درهما، وأربعة أسباع درهم) .
وقيل: (مائة وثمانية وعشرون) ، بلا أسباع.
وقيل: (مائة وثلاثون) .
فالأوسق الخمسة: (ألف وستمائة رطل، بالبغدادي) .
قال النووي : وهل هذا التقدير بالأرطال، تقريب أم تحديد؟
فيه وجهان: أصحهما: "تقريب". فإذا نقص عن ذلك يسيرا، وجبت الزكاة.
والثاني: تحديد. فمتى نقص شيئا وإن قل، لم تجب الزكاة. انتهى.
وأقول: أصحهما: هذا الثاني دون الأول. وهو الموافق بظاهر لفظ الحديث: أوله وآخره.
وكون (الوسق) ستين صاعا، يدل عليه ما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجة، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد:
وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان .
وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجة . من طريق أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: وهو منقطع. لم يسمع أبو البختري عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد.
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي نحوه، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وأخرج أيضا نحوه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجة، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر . وإسناده ضعيف.
قال ابن حجر : وفيه عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب.
قال النووي : وفي هذا الحديث فائدتان: " إحداهما ": وجوب الزكاة في هذه المحدودات.
" الثانية ": أنه لا زكاة فيما دون ذلك.
ولا خلاف بين المسلمين في هاتين، إلا ما قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، وبعض السلف: أنه تجب الزكاة في قليل الحب وكثيره.
قال: وهذا مذهب باطل، منابذ لصريح الأحاديث الصحيحة.
قال: وكذلك أجمعوا فيما زاد في الحب والتمر، أنه يجب فيما زاد على خمسة أوسق بحسابه، وأنه لا أوقاص فيها.
قال الشوكاني في (السيل الجرار) : اعتبار النصاب في زكاة ما أخرجت الأرض، وهو: أن يكون خمسة أوسق ، فذلك للدليل الصحيح، المتلقي [ ص: 436 ] بالقبول، من جميع طوائف أهل الإسلام.
فهم بين عامل به، ومتأول له، وهو حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد "يعني: حديث الباب"، في الصحيحين وغيرهما.
ولم يصب من أوجبها، في قليل ما أنبتت الأرض وكثيره، عملا بالأحاديث المصرحة بأن: (فيما سقت السماء والعيون " العشر ". وفيما سقي بالنضح نصف العشر) ؛ لأنه عمل بالعام، وترك العمل بالخاص.
والجمع بينهما واجب. بأن يبني العام على الخاص.
وهذا أمر متفق عليه، عند أئمة الأصول في الجملة.
فمن خالف ذلك في الفروع، فإن كان يعدم علمه بالخاص، فقد أتي من قبل تقصيره.
وكيف يكون مجتهدا، من جهل مثل هذا الحكم ؟!
وإن كان قد علم به ولم يعمل به، فالحجة عليه قائمة بالدليل الصحيح.
قال: والخارج من الأرض، يجب إخراج زكاته عند حصاده، إن كان خمسة أوسق، وكان مما تجب فيه الزكاة.
ولم يسمع في أيام النبوة، ولا في أيام الصحابة: أنه اعتبر الحول فيما يخرج من الأرض.
[ ص: 437 ] بل كانوا يزكون الخارج عند حصاده، إذا كمل نصابه. انتهى.
(ولا فيما دون خمس ذود صدقة) .
الرواية المشهورة، بإضافة " خمس " إلى " ذود ".
وروي بتنوين " خمس "، ويكون " ذود " بدلا منه. حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر، والقاضي، وغيرهما. والمعروف الأول.
"ونقلاها" عن الجمهور.
قال أهل اللغة: "الذود": من الثلاثة إلى العشر. لا واحد له من لفظه.
إنما يقال في الواحدة: "بعير".
وكذلك: (النفر، والرهط، والقوم، والنساء) ، وأشباه هذه الألفاظ.
وهو كقوله: "خمس أبعرة". "وخمسة جمال ". " وخمس نوق ". " وخمس نسوة ".
قال سيبويه: تقول: "ثلاث ذود"؛ لأن الذود مؤنث، وليس باسم كسر عليه مذكره.
ثم الجمهور على أن الذود: من ثلاثة إلى العشرة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: ما بين ثلاث إلى تسع. وهو مختص بالإناث.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : "الذود": ما بين الثلاث إلى العشرة "والصبة": خمس أو ست. "والصرمة ": ما بين العشرة إلى العشرين. "والعكرة": ما [ ص: 438 ] بين العشرين إلى الثلاثين. "والهجمة": ما بين الستين إلى السبعين.
"والهنية" مائة. "والحظر": نحو مائتين. "والعرج": من خمسمائة إلى ألف.
وقال أبو عبيدة، وغيره: "الصرمة": ما بين العشر إلى الأربعين.
وأنكر ابن قتيبة أن يقال: خمس ذود. كما لا يقال: خمس ثوب.
وغلطه العلماء. بل هذا اللفظ شائع في الحديث الصحيح، ومسموع من العرب، ومعروف في كتب اللغة، وليس هو جمعا لمفرد. بخلاف الأثواب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم السجستاني: تركوا القياس في الجمع، فقالوا: "خمس ذود" لخمس من الإبل. و"ثلاث ذود" لثلاث من الإبل. "وأربع ذود" و"عشر ذود" على غير قياس.
كما قالوا: ثلاثمائة، وأربعمائة. والقياس: "مئين ومئات". ولا يكادون يقولونه.
وقد ضبطه الجمهور: "خمس ذود". ورواه بعضهم: "خمسة ذود". وكلاهما لرواة كتاب مسلم. والأول أشهر.
وكلاهما صحيح في اللغة. فإثبات الهاء لانطلاقه على المذكر والمؤنث.
ومن حذفها، قال الداودي: أراد أن الواحدة منه فريضة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : ولا يصح أن تكون الأوقية والدراهم، مجهولة في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يوجب الزكاة في أعداد منها، ويقع به البياعات والأنكحة. كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
قال: وهذا يبين، أن قول من زعم: أن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمان nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان، وأنه جمعها برأي العلماء، وجعل كل عشرة [ ص: 440 ] وزن سبعة مثاقيل، ووزن الدرهم ستة دوانيق: قول باطل.
وإنما معنى ما نقل من ذلك، أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام، وعلى صفة لا تختلف. بل كانت مجموعات: من ضرب فارس والروم. وصغارا وكبارا. وقطع فضة غير مضروبة ولا منقوشة ويمنية ومغربية؛ فرأوا صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه، وتصييرها وزنا واحد لا يختلف، وأعيانا، لتغني فيها عن الموازين، فجمعوا أكبرها وأصغرها، وضربوه على وزنهم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : ولا شك أن الدراهم، كانت حينئذ معلومة.
وإلا، فكيف كانت تعلق بها حقوق الله تعالى في الزكاة وغيرها، وحقوق العباد؟
ولهذا كانت الأوقية معلومة.
قال النووي : قال أصحابنا: أجمع أهل العصر الأول، على التقدير بهذا الوزن المعروف.
وهو أن الدرهم: ستة دوانيق. وكل عشرة دراهم: سبعة مثاقيل. ولم يتغير المثقال في الجاهلية ولا الإسلام.
وأقول: إن ثبت في المثقال، والدينار، والدرهم، ونحوها حقيقة شرعية كان الواجب الرجوع إليها، والتفسير بها.
[ ص: 441 ] وإن لم يثبت: وجب الرجوع في تقدير هذه الأشياء، إلى ما ذكره أهل اللغة. ولا يصح تفسيرها بالاصطلاح الحادث. لاسيما مع اضطرابها واختلافها.
وقد أخرج هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار: من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، وابن دقيق العيد.