هل تجب الزكاة، في كل ما أخرجت الأرض: من الثمار، والزروع، والرياحين، وغيرها، إلا الحشيش والحطب، ونحوهما؟ أم يختص؟.
[ ص: 444 ] فعمم nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة . وخص الجمهور: على اختلاف لهم فيما يختص به. وهو معروف في كتب الفقه. انتهى.
أقول: الأحاديث الواردة في أنه: (لا زكاة في الخضراوات) ، قد أوضح الشوكاني في شرحه للمنتقى: أنه يقوي بعضها بعضا، ويشهد بعضها لبعض. فهي صالحة لتخصيص العمومات، كحديث الباب ونحوه.
وهكذا الأحاديث الواردة: بأن الزكاة لا تجب، إلا في أربعة أجناس: (البر، والشعير، والتمر، والزبيب) فإنها تنتهض بمجموعها للعمل بها.
ثم إن المالك، إنما يزكي ما دخل في ملكه، بعد حصاده ودياسه؛ فلا تجب عليه زكاة ما خرج من المؤن، التي لا يتم الحصاد والدياس إلا بها.
ليس له أن يخرج: مؤن الحرث، والسفي، والبذر، ونحوها.
فإنه لم يثبت في ذلك شيء: لا في أيام النبوة، ولا فيما بعدها.
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إنما أوجب الزكاة فيما قد أحصد وعرف مقداره، كما يفيده قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) .
فالوجوب متعلق بالنصاب، وهو الخمسة الأوسق. ولم يعرف قدر النصاب، إلا بعد الحصاد.
[ ص: 445 ] وأيضا ما دام ما أخرجته الأرض، هو معرض للجوائح: بالآفات السماوية والأرضية. فلو وجبت الزكاة فيه قبل حصاده، لكان إيجابها قبل ثبوت الملك.
وهكذا الضمان، لا يكون إلا بعد ثبوت الملك، وتقرره.
والشيء الذي يخرج دفعات، يخرج كل دفعة من دفعاته؛ لأنها لا تحصل الدفعة الثانية، إلا وقد فسدت الدفعة الأولى.
وقد ثبت في خرص العنب والتمر، أحاديث تقوم بها الحجة.
بل ثبت في الصحيحين، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي:
(أنه صلى الله عليه وسلم خرص حديقة امرأة بنفسه) . و"فيه" قصة.
ولكن هذا الخرص، مقيد بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، وصححاه:
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة، فيخرص النخل حين يطيب، قبل أن يؤكل: ليهود [ ص: 446 ] خيبر. يأخذونه بذلك الخرص. أو يدفعونه إليهم، بذلك الخرص) .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود .