ثم قال: "يا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر! أما شعرت: أن عم الرجل صنو أبيه؟ .
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) رضي الله عنه، (قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جبريل) . أي: منع الزكاة وامتنع من دفعها.
(وخالد بن الوليد، والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله:
"ما ينقم ابن جميل، إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ") .
"ينقم" بكسر القاف وفتحها. والكسر أفصح.
[ ص: 451 ] (وأما خالد؛ فإنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه، وأعتاده في سبيل الله) .
"الأعتاد": آلات الحرب: من السلاح، والدواب، وغيرها. والواحد: "عتاد" بفتح العين. ويجمع: "أعتادا، وأعتدة".
قاله أهل اللغة.
قال النووي : ومعنى الحديث: أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده، ظنا منهم أنها للتجارة، وأن الزكاة فيها واجبة. فقال لهم: لا زكاة لكم علي، فقالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن خالدا منع الزكاة. فقال: إنكم تظلمونه؛ لأنه حبسها، ووقفها في سبيل الله قبل الحول عليها، فلا زكاة فيها.
ويحتمل أن يكون المراد: لو وجبت عليه زكاة أعطاها، ولم يشح بها؛ لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعا، فكيف يشح بواجب عليه؟!
قال: واستنبط بعضهم من هذا: وجوب زكاة التجارة. وبه قال جمهور العلماء: من السلف والخلف، خلافا لداود. انتهى.
وأقول: الحق في المسألة، ما ذهب إليه داود. ولا حجة في حديث الباب.
وليس الأمر كما فهموا. بل الظاهر: أنهم لما أخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بأن خالدا امتنع من الزكاة، رد عليهم بذلك.
[ ص: 452 ] والمراد: أن من بلغ في التقرب إلى الله تعالى، إلى هذا الحد. وهو تحبيس أدرعه وأعتده، يبعد كل البعد: أن يمتنع من تأدية ما أوجبه الله عليه من الزكاة، مع كونه قد تقرب بما لا يجب عليه.
فلا يكون في ذلك، دليل على وجوب زكاة التجارة.
وأشف ما استدل به القائل بوجوبها، في أموال التجارة: حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
(في الإبل صدقتها، وفي البز صدقته) . أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من طريقين.
قال ابن حجر : وإسناده غير صحيح. وقال في طريق أخرى: وهذا إسناد لا بأس به.
ولا يخفاك أنها لا تقوم الحجة بمثل هذا الحديث، وإن زعم من زعم: أن الحاكم صححه، فليس ذلك بمتوجه.
والذي في المستدرك: "البر" بالراء المهملة. قاله ابن دقيق العيد،
وقواه الشوكاني في (السيل الجرار) . وبه قضى في "وبل الغمام"، وإليه ذهب في شرح " المنتقى ". وبه قال في " المختصر " وشرحه.
[ ص: 453 ] قال: وقد كان للصحابة أموال، وجواهر، وتجارات، وخضراوات، ولم يأمرهم صلى الله عليه وآله وسلم بتزكية ذلك، ولا طلبها منهم.
ولو كانت واجبة في شيء من ذلك، لبين للناس ما نزل إليهم. انتهى.
والحاصل: أن كثيرا من أهل العلم، توسعوا في إيجاب الزكاة، في أموال لم يوجب الله الزكاة فيها.
بل صرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الأموال، بعدم الوجوب. كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (ليس على المرء في عبده، ولا فرسه، صدقة) .
وقد أشرنا في " الروضة الندية "، إلى أشياء من الأموال التي لا زكاة فيها، مما قد جعله بعض أهل العلم: من الأموال التي تجب فيها الزكاة. فراجع.
قال النووي : وفيه: أي في حديث الباب، دليل على صحة الوقف، وصحة وقف المنقول. وبه قالت الأمة بأسرها، إلا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة، وبعض الكوفيين.
قال: وقال بعضهم: هذه الصدقة التي منعها ابن جميل، وخالد، nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس، لم تكن زكاة. إنما كانت صدقة تطوع.
حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض . وقال: ويؤيده: أن عبد الرزاق روى هذا الحديث، وذكر في روايته:
[ ص: 454 ] (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ندب الناس إلى الصدقة) .
وذكر تمام الحديث.
قال ابن القصار المالكي : وهذا التأويل أليق بالقصة. فلا يظن بالصحابة: من الواجب.
وعلى هذا، فعذر خالد واضح؛ لأنه أخرج ماله في سبيل الله: فما بقي له مال يحتمل المواساة بصدقة التطوع.
ويكون ابن جميل، شح بصدقة التطوع، فعتب عليه .
وقال في nindex.php?page=showalam&ids=18العباس : "هي علي، ومثلها معها".
أي: أنه لا يمتنع، إذا طلبت منه. انتهى.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : لكن ظاهر الأحاديث الصحيحة، في الصحيحين: أنها في الزكاة. لقوله:
(بعث عمر على الصدقة) . وإنما كان يبث في الفريضة.
قال النووي : الصحيح المشهور: أن هذا كان في الزكاة، لا في صدقة التطوع. وعلى هذا قال أصحابنا وغيرهم.
(وأما nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فهي علي، ومثلها معها) .
قال النووي : وقال الذين لا يجوزون تعجيل الزكاة: معناه: أنا أؤديها عنه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد، وغيره: معناه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أخرها عن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس إلى وقت يساره، من أجل حاجته إليها.