[عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر رضي الله عنه: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس من رجل ادعى لغير أبيه) ].
أي: انتسب إليه واتخذه أبا «وهو يعلمه» تقييد لا بد منه. فإن الإثم إنما يكون في حق العالم بالشيء.
«إلا كفر» تقدم شرح هذا الكلام تحت الحديث المتقدم؛ وليس المراد: الكفر الذي يخرجه من ملة الإسلام.
وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: «يكفرن» ، ثم فسره بكفرانهن الإحسان، والعشير.
(ومن ادعى ما ليس له فليس منا ) أي: ليس على ديننا، وجميل طريقتنا، كما يقول الرجل لابنه: لست مني.
(وليتبوأ مقعده من النار ) ، أي: ولينزل منزله متهيئا، أو وليتخذ [ ص: 217 ] منزلا بها. وهذا دعاء أو خبر بلفظ الأمر، وهو أظهر القولين ومعناه: هذا جزاؤه. فقد يجازى به، وقد يعفى عنه. وقد يوفق للتوبة فيسقط عنه ذلك.
وفي هذا تحريم دعوى ما ليس له في كل شيء، سواء تعلق به حق لغيره أم لا. «ومنه» دعوى الاجتهاد، والتجديد، ممن ليس بهما خليق.
(ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال: «عدو الله» وليس ذلك، إلا حار عليه) أي: رجع عليه الكفر. «وحار» «ورجع بمعنى واحد.
هذا الحديث عده بعض العلماء من المشكلات؛ من حيث إن ظاهره غير مراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه: لا يكفر المسلم بالمعاصي؛ كالقتل، والزنا، وكذلك قوله لأخيه «كافر» ، من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام.
والجواب بأوجه: «أحدها» ، أنه محمول على المستحل لذلك، وهذا يكفر.
«الثاني» معناه: رجعت عليه نقيصته لأخيه، ومعصية تكفيره.
«الثالث» أنه محمول على الخوارج، المكفرين للمؤمنين.
حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس.
قلت: ولكن رأيت الإمام، شيخ الإسلام الشوكاني، رضي الله عنه كثيرا ما يقول في حقهم: هم «كلاب النار؛ وذلك دليل على أن حكمه فيهم حكمه في الكفار. والله أعلم.
«الرابع» معناه: أن ذلك يئول إلى الكفر، وذلك أن المعاصي كما قالوا - بريد الكفر.
ويخاف على المكثر منها، أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر.
«الخامس» معناه: فقد رجع إليه تكفيره؛ فليس الراجع «حقيقة الكفر» ، بل «التكفير» .
لأنه جعل أخاه المؤمن كافرا، فكأنه كفر نفسه. إما لأنه كفر من هو مثله، وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر، يعتقد بطلان دين الإسلام، انتهى كلام النووي.
وعندي: أنه لا مانع، من إرادة جميع المعاني المذكورة. وقد تساهل أهل البدع والطغيان، وأصحاب الفسوق والعصيان، من طلبة العلم وعلماء الزمان، في تكفير كل من خالفهم، في مسألة من المسائل الفرعية، أو قول من الأقوال البدعية، وأطلقوا عنان القلم واللسان، في ميدان هذا التكفير والتضليل، حتى كاد أن لا يسلم أحد من أهل العلم [ ص: 219 ] والفضل المقتدى بهم في الدين، من جراحات لسان هؤلاء المكفرين؛ إلا من عصمه الله ورحمه.
وهذا داء عضال؛ قل من ينجو منه. صاننا الله وإخواننا المتبعين، عن تبعات هذه المزلة، وخطوات الشياطين.