عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله عز وجل: ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي. وأنا أجزي به ) ".
قيل: سبب إضافته إلى الله تعالى مع - كون جميع الطاعات له تعالى -: أنه لم يعبد أحد غير الله تعالى به ؛ فلم يعظم الكفار في عصر من الأعصار: معبودا لهم بالصيام.
وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة، والسجود، والصدقة، والذكر، وغير ذلك.
وقيل: لأن الصوم بعيد من الرياء لخفائه. بخلاف الصلاة، والحج، والغزو، والصدقة، وغيرها من العبادات الظاهرة.
وقيل: لأنه ليس للصائم ونفسه فيه حظ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي.
قال: وقيل: إن الاستغناء عن الطعام من صفات الله تعالى، فتقرب الصائم بما يتعلق بهذه الصفة، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء.
وقيل: معناه: ( أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه، أو تضعيف حسناته ). وغيره من العبادات: أظهر " سبحانه" بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها.
[ ص: 7 ] وقيل: هي إضافة تشريف. كقوله تعالى: ناقة الله . مع أن العالم كله لله تعالى.
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري: هذا مجاز واستعارة.
لأن استطابة بعض الروائح، من صفات الحيوان الذي له طبائع تحميل إلى شيء فتستطيبه، وتنفر من شيء فتستقذره.
[ ص: 10 ] والله تعالى متقدس عن ذلك.
لكن جرت عادتنا: بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك في الصوم لتقريبه من الله تعالى. انتهى.
وهذا تأويل، وصرف للدليل عن ظاهره.
وما لنا وللخوض فيه ؟ بل الذي ينبغي لكل أحد، ممن أسلم وجهه لله: أن يؤمن بذلك وبأمثاله. ولا يتعرض لتأويل شيء من هذا.
وطريقة السلف أسلم من طريق غيرهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: يجازيه الله تعالى به في الآخرة. فتكون (نكهته ) أطيب من ريح المسك، كما أن دم الشهيد يكون ريحه ريح المسك.
وقيل: يحصل لصاحبه من التواب، أكثر مما يحصل لصاحب المسك.
وقيل: رائحته عند ملائكة الله، أطيب من رائحة المسك عندنا. وإن كانت رائحة الخلوف عندنا خلافه.
وكل ذلك من باب التأويلات، التي لم يرد دليل على القول بها.
قال النووي: والأصح: ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي من المغاربة. وقاله من قاله من أصحابنا: أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك. حيث ندب إليه في الجمع، والأعياد، ومجالس الحديث والذكر، وسائر مجامع الخير. انتهى.
[ ص: 11 ] قلت: الحق والمختار: تفويض معناه إلى قائله. والإيمان به جملة، بلا كيف ولا عطلة.
ثم قال النووي: احتجت الشافعية بهذا الحديث، على كراهة (السواك ) للصائم بعد الزوال، محافظة على بقاء الخلوف المشهود له بذلك. انتهى.
قال الشوكاني في (وبل الغمام ): لا ريب أن الأحاديث الواردة في مشروعية (السواك )، تدل على مشروعيته في هذا الوقت المتنازع فيه، وهي متواترة.
وقد ورد ما يدل على استحباب السواك، للصائم على الخصوص.
فمن زعم: أنه يكره، لا يقبل قوله إلا بدليل، يخصص الأحاديث الدالة على المشروعية.
وأما جعل وجه الكراهة: أنه يذهب الخلوف، فهذا وجه غير وجيه، لا يحسن من العالم: نصبه في وجه أدلة مشروعية (السواك ).
لأن مجرد طيب ذلك عند الله عز وجل، ليس فيه إلا أنه لا يكون عند الله مستكرها، كما يكون عند الناس.
وهذا ليس بموجب للإثابة. كما أن من لا يحصل معه الخلوف عند صيامه، لا يكون ناقص الأجر بالنسبة إلى من له خلوف.
وأيضا: ليس السواك من مذهبات الخلوف، بل من جوالبه. وهو معلوم لكل أحد. انتهى.
[ ص: 12 ] (وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه ).
أما فرحته عند لقاء ربه: فبما يراه من جزائه، وتذكر نعمة الله عليه بتوفيقه لذلك.
، وأما عند فطره: فسببها تمام عبادته، وسلامتها من المفسدات وما يرجوه من ثوابها.