وهذا معلوم بالضرورة الدينية، وإجماع المسلمين. والأحاديث الواردة في ذلك مصرحة بهذا.
قال النووي : المراد: رؤية بعض المسلمين، ولا يشترط رؤية كل إنسان.
بل يكفي جميع الناس: رؤية عدلين. وكذا عدل على الأصح. هذا في الصوم.
[ ص: 19 ] وأما الفطر: فلا يجوز بشهادة عدل واحد على هلال شوال، عند جميع العلماء. إلا ( nindex.php?page=showalam&ids=11956أبا ثور ) فجوزه بعدل. انتهى.
وأقول: ورد في السنة المطهرة: ما يدل على اعتبار ( العدلين ). وورد ما يدل على الاكتفاء بشهادة الواحد.
ولا يخفاك: أن ما دل على اعتبار الشاهدين، يدل على عدم العمل بالشاهد الواحد بمفهوم العدد ).
وما دل على صحة شهادة الواحد والعمل بها، يدل بمنطوقه على العمل بشهادة الواحد. ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم. وهذا هو الذي رجحه صاحب ( السيل الجرار ).
ثم اعلم: أن الرؤية التي اعتبرها الشارع في قوله: ( صوموا لرؤيته )، هي الرؤية الليلية، لا الرؤية النهارية. فإنها ليست معتبرة، سواء كانت قبل الزوال أو بعده.
ومن زعم خلاف هذا، فهو عن معرفة المقاصد الشرعية بمراحل.
واحتجاج من احتج: برؤية الركب، الذين أخبروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم رأوه بالأمس: باطل. كاحتجاج من احتج على وجوب الإتمام بقوله تعالى: ثم أتموا الصيام إلى الليل .
وكلا الدليلين، لا دلالة لهما على محل النزاع.
[ ص: 20 ] أما الأول ؛ فإنهم إنما أخبروا عن الرؤية في الوقت المعتبر. وذلك مرادهم بلفظ: ( أمس ). كما لا يخفى على عالم.
وأما الثاني ؛ فالمراد به: وجوب إتمام الصيام، إلى الوقت الذي يسوغ فيه الإفطار، تعيينا لوقته الذي لا يكون صوما بدونه.