( عن nindex.php?page=showalam&ids=51عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله في سفر، في شهر رمضان. فلما غابت الشمس قال: " يا فلان ! انزل فاجدح لنا ". قال: يا رسول الله ! إن عليك نهارا ).
وفي رواية: (يا رسول الله ! لو أمسيت ؟ ).
[ ص: 62 ] ( قال: " انزل فاجدح لنا". قال: فنزل فجدح ) بجيم ثم حاء، وهو خلط الشيء بغيره.
والمراد هنا: خلط السويق بالماء، وتحريكه حتى يستوي.
(والمجدح ) بكسر الميم: ( عود مجنح الرأس )، ليساط به الأشربة.
وقد يكون له ثلاث شعب.
والمعنى: أن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم" وأصحابه كانوا صياما.
وكان ذلك في شهر رمضان، كما صرح به في الرواية. فلما غربت الشمس، أمره النبي، " صلى الله عليه وآله وسلم" (بالجدح ) ليفطروا.
فرأى المخاطب آثار الضياء والحمرة، التي بعد غروب الشمس، فظن أن الفطر لا يحل إلا بعد ذهاب ذلك، واحتمل عنده: أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لم يرها ؛ فأراد تذكيره وإعلامه بذلك.
ويؤيد هذا: ذكره النهار والمساء، لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه.
وهو معنى: ( لو أمسيت ؟ ). أي: تأخرت حتى يدخل المساء.
وتكريره المراجعة، لغلبة اعتقاده على أن ذلك نهار، يحرم فيه الأكل، مع تجويزه: أن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم " لم ينظر إلى ذلك الضوء نظرا تاما. فقصد: زيادة الإعلام ببقاء الضوء.
[ ص: 63 ] وفي هذا الحديث: جواز الصوم في السفر، وتفضيله على الفطر لمن لا تلحقه بالصوم مشقة ظاهرة.
قال أهل العلم: كل واحد من هذه الثلاثة، يتضمن الآخرين ويلازمهما. وإنما جمع بينها، لأنه قد يكون في واد ونحوه، بحيث لا يشاهد غروب الشمس، فيعتمد إقبال الظلام وإدبار الضياء.
[ ص: 64 ] وفي هذا الحديث: أن الفطر على التمر ليس بواجب، وإنما هو مستحب لو تركه جاز.
وأن الأفضل بعده: الفطر على الماء.
وقد جاء هذا الترتيب في الحديث الآخر، في ( سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود وغيره )، في الأمر بالفطر على تمر. فإن لم يجد فعلى الماء، فإنه طهور. والله أعلم بالصواب.