عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال ؛ فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله ! تواصل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأيكم مثلي ؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ". ).
قال النووي : معناه: يجعل الله تعالى في قوة الطاعم الشارب.
وقيل: هو على ظاهره. وأنه يطعم من طعام الجنة، كرامة له.
قال: والصحيح الأول. لأنه لو أكل حقيقة لم يكن مواصلا.
ومما يوضح هذا التأويل، ويقطع كل نزاع: قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية التي بعد هذا: "إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ".
ولفظة ( ظل )، لا تكون إلا في النهار، ولا يجوز الأكل الحقيقي في النهار بلا شك. انتهى.
قلت: ولا يبعد حمله على ظاهره. بل هو الراجح.
وليس ذلك من طعام الدنيا وشرابها، حتى يصدق عليه الأكل المنهي عنه في الصوم.
وقد ذكر المجد الشيرازي ( في الصراط المستقيم ) لهذا الحديث: معاني أخر. فراجع.
[ ص: 68 ] (فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يوما، ثم يوما، ثم رأوا الهلال، فقال: "لو تأخر الهلال: لزدتكم" كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا ).
اتفق الشافعية على النهي عن الوصال. وهو صوم يومين فصاعدا، من غير أكل أو شرب بينهما.
نص الشافعية على كراهته. ولهم في هذه الكراهة وجهان:
أصحهما: أنها كراهة تحريم. والثاني: كراهة تنزيه.
وبالنهي عنه قال جمهور العلماء.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : اختلف العلماء في أحاديث الوصال، فقيل: النهي عنه رحمة وتخفيف، فمن قدر فلا حرج. وقد واصل جماعة من السلف الأيام.
قال: وأجازه ابن وهب nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق، إلى السحر.
واحتج من أباحه بقوله في بعض طرق nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: (نهاهم عن الوصال، رحمة لهم ).
وفي بعضها: "لو مد لنا الشهر، لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم".
[ ص: 69 ] واحتج الجمهور بعموم النهي، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تواصلوا ".
وقوله: (رحمة )، لا يمنع كونه نهيا عنه للتحريم.
وسبب تحريمه: الشفقة عليهم، لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم.
وأما الوصال بهم يوما، ثم يوما: فاحتمل للمصلحة في تأكيد زجرهم، وبيان الحكمة في نهيهم، والمفسدة المترتبة على الوصال. وهي ( الملل ) من العبادة، والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين: من إتمام الصلاة بخشوعها، وأذكارها، وآدابها وملازمة الأذكار، وسائر الوظائف المشروعة في نهاره وليله. والله أعلم. قاله النووي .
وأيضا: يحتمل أن الوصال قد يفضي ببعضهم إلى الهلاك، إذا طالت المدة.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل الصبر.
قال في ( السيل الجرار ): وجه تحريم ( الوصال ): أنه ثبت النهي عنه ( عن النبي ) صلى الله عليه وآله وسلم، في أحاديث في الصحيحين وغيرهما.
والنهي حقيقة في التحريم. ولا ينافي هذا: مواصلته صلى الله عليه وآله وسلم، فقد بين العلة في ذلك، لما قالوا: إنك تواصل.