قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق» ]
(الشرح)
(عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد. ثائر الرأس) .
[ ص: 239 ] أي: قائم شعره، منتفشه «وثائر» ، بالرفع صفة للرجل. وقيل: يجوز نصبه على الحال.
(نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول ) . روي «نسمع ونفقه» . بالنون المفتوحة فيهما، وبالياء المضمومة فيهما.
والأول هو الأشهر، الأكثر، الأعرف.
«ودوي صوته» هو بعده في الهواء: ومعناه ؛ شدة صوت لا يفهم «والدوي» ، بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء، هذا هو المشهور.
وحكى صاحب «المطالع» ، فيه: ضم الدال أيضا.
(حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله: «خمس صلوات في اليوم والليلة» . فقال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا. إلا أن تطوع ) .
المشهور فيه، تشديد الطاء، على إدغام إحدى التاء في الطاء.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح: هو محتمل للتشديد والتخفيف على الحذف. والاستثناء منقطع. أي: لكن يستحب لك أن تطوع. وقيل: متصل. واستدلوا به، على أن من شرع في صلاة نفل، أو صوم، وجب عليه إتمامه. «والأول» أظهر. وبه قال الشافعية.
«وفيه» ، أن الصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام، التي أطلقت، في باقي الأحاديث هي الصلوات الخمس، وأنها في كل يوم وليلة، على كل مكلف بها.
«وصيام شهر رمضان» ، فقال: هل علي غيره؟ فقال «لا إلا أن تطوع» .
«وفيه» أنه لا يجب صوم عاشوراء، ولا غيره، سوى «رمضان» . وهذا مجمع عليه «وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الزكاة» فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا إلا أن تطوع» .
والأظهر أنه عائد إلى المجموع. بمعنى أنه، إذا لم يزد ولم ينقص. كان [ ص: 241 ] مفلحا. لأنه أتى بما عليه. ومن أتى بما عليه، فهو مفلح. وليس في هذا أنه: إذا أتى بزائد لا يكون مفلحا. لأن هذا مما يعرف بالضرورة، فإنه إذا أفلح بالواجب، فلأن يفلح بالواجب والمندوب أولى. وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، في آخر هذا الحديث، زيادة توضح المقصود.
قال: (أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، فأدبر الرجل، وهو يقول: والله! لا أزيد ولا أنقص ما فرض الله تعالى علي شيئا ) .
فعلى عموم قوله: «بشرائع الإسلام» . وقوله: «مما» فرض الله علي» يزول الإشكال. في الفرائض؛ فلا يقال: ليس في هذا الحديث جميع الواجبات، ولا المنهيات الشرعية، ولا السنن المندوبات.
وأما النوافل: فقيل: يحتمل أن هذا، كان قبل شرعها، أو أراد أنه لا يصلي النافلة، مع أنه لا يخل بشيء، من الفرائض. وهذا مفلح بلا شك؛ وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة، وترد بها الشهادة؛ إلا أنه ليس بعاص بل هو مفلح ناج
ليس هو حلفا، وإنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها، غير قاصدة بها، حقيقة الحلف.
والنهي، إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلف. لما فيه من إعظام المحلوف [ ص: 242 ] به. ومضاهاته به الله سبحانه: فهذا هو الجواب المرضي.
وقيل: يحتمل أن يكون هذا، قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى، والله أعلم.
ثم إنه؛ لم يأت في هذا الحديث، ذكر الحج، ولا جاء ذكره في حديث «جبريل» من رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة.
وكذا غير هذا، من هذه الأحاديث، لم يذكر في بعضها «الصوم» . ولم يذكر في بعضها «الزكاة» . وذكر في بعضها «صلة الرحم» . وفي بعضها «أداء الخمس» . ولم يقع في بعضها ذكر «الإيمان» ؛ فتفاوتت هذه الأحاديث، في عدد خصال الإيمان، وشرائع الإسلام. زيادة ونقصانا. وإثباتا وحذفا.
وقد أجاب nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض «رح» ، وغيره؛ بجواب لخصه nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح، وهذبه، فقال: ليس هذا باختلاف صادر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو من تفاوت الرواة، في الحفظ والضبط. إلى آخر ما قال.