(عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما؛ «عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس» ) .
وفي طريق «خمسة» ، والمراد بالأول: «خمس خصال» ، «أو دعائم» ، «أو قواعد» ، أو نحو ذلك. «وبالثاني» خمسة أركان، أو أشياء: أو نحو ذلك: وكلتا الروايتين صحيحة.
«وفيه» أن هذه الخمسة، هي التي عليها أعمدة الإسلام، ولا تتم إلا باجتماعها؛ فهو من باب الاستعارة؛ تشبيها للأمر المعنوي «وهو [ ص: 244 ] الإسلام» بالأمر الحقيقي الموجود في الخارج، «وهو الشيء المتين» . كما أن الأبنية الموجودة في الخارج، لا يتم إلا بما لا بد منه. فكذلك الإسلام، لا يتم إلا بهذه الأمور الخمسة.
فأخبر صلى الله عليه وسلم: أن ماهية الإسلام، هي هذه الخمسة، ومما يدل على أنه، لا يتم الإسلام، إلا بالقيام بهذه الأركان، ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الحكم بكفر من ترك أحدها.
فلا بد من أن يأتي بكل واحد منها، على الصفة المجزية، التي لا اختلال فيها باعتبار ما هو الواجب الذي لا يتم الصورة الشرعية، إلا به، فإن انتقص من ذلك، ما يخرج ما جاء به، عن الصورة الشرعية. فهو بمنزلة من ترك ذلك من الأصل؛ لكنه إذا كان ذلك بجهله بالوجوب عليه، وترك التعلم لما يلزمه، فهو من هذه الحيثية، آثم بترك واجب العلم معذور بالجهل؛ فلا يكون كمن ترك، عالما عامدا. لأن جهله لوجوب التعلم، مع ظنه بأن الذي افترضه الله عليه، هو ما فعله على تلك الصورة الناقصة، يدفع عنه معرة الكفر، ولا يدفع عنه معرة الإثم.
وقد ثبت أن بعض أهل الكفر، تكلم بكلمة الشهادة، ثم عرض الجهاد فجاهد. وقتل، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى أدخله الجنة؛ ولم يصل ركعة، فجعل اشتغال هذا، بواجب الجهاد عذرا.
و الجاهل، لو علم أن صلاته الواجبة، لا تتم بالصلاة التي جاء بها على على الصورة الناقصة. لجاء بالصورة التامة. وبادر إلى تعلمها.
[ ص: 245 ] وكذا حال سائر الأركان الخمسة. لكن اجتمع تفريط أهل الجهل، من التعلم، وتفريط أهل العلم من التعليم. فاشترك الطائفتان في الإثم. لأن الله سبحانه؛ أوجب على العلماء، أن يعلموا، وأخذ عليهم الميثاق بذلك، كما في قوله:
وفي الآية الأخرى: إن الذين يكتمون إلى آخرها، المصرحة باستحقاقهم للعنة الله عز وجل، ولعنة اللاعنين. فهؤلاء فرطوا فيما أوجب الله عليهم من التعليم. كما فرط الجاهلون، فيما أوجب الله عليهم من التعلم، وبالله التوفيق.
«فقال رجل» هو: يزيد بن بشر السكسكي (الحج وصيام رمضان ) أي: بتقديم الحج وتأخير الصيام. ففي روايتين تقديم الصيام. وفي روايتين تقديم الحج. والأول متفق عليه.
[ ص: 246 ] (قال: لا. صيام رمضان والحج. هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم) وليس في هذا، نفي لسماعه على الوجه الآخر.
ويحتمل: أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر؛ كان سمعه مرتين بالوجهين. هذا هو المختار، في هذا الإنكار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح: محافظة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، على ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهيه عن عكسه، تصلح حجة لكون الواو تقتضي الترتيب. وهو مذهب كثير من الشافعية. وشذوذ من النحاة.
ومن قال: لا تقتضي الترتيب؛ وهو المختار، وقول الجمهور؛ فله أن يقول: لم يكن ذلك لذلك؛ بل: لأن فرض صوم رمضان، نزل في السنة الثانية من الهجرة، ونزلت فريضة الحج، سنة ست أو تسع. ومن حق الأول أن يقدم في الذكر على الثاني. فمحافظة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لهذا.
وأما رواية تقديم الحج. فكأنه وقع ممن كان يرى الرواية بالمعنى، ويرى أن تأخير الأول، أو الأهم في الذكر، شائع في اللسان. فتصرف فيه بالتقديم والتأخير، لذلك. مع كونه، لم يسمع نهي nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، عن ذلك. فافهم؛ فإنه من المشكل، الذي لم أرهم بينوه. انتهى.
قال النووي: وهذا الذي قاله. ضعيف من وجهين:
«أحدهما» أن الروايتين، قد ثبتتا في الصحيح. وهما صحيحتان. في المعنى لا تنافي بينهما. فلا يجوز إبطال إحداهما.
[ ص: 247 ] «الثاني» أن فتح باب احتمال التقديم والتأخير، في مثل هذا قدح في الرواة والروايات؛ فإنه لو فتح ذلك، لم يبق لنا وثوق، بشيء من الروايات، إلا القليل. ولا يخفى بطلان هذا، وما يترتب عليه من المفاسد، وتعلق من يتعلق به، ممن في قلبه مرض. والله أعلم، إلى آخر ما قال فراجع.
وهذا الحديث، أصل عظيم، في معرفة الدين. وعليه اعتماده. وقد جمع أركانه.