السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2234 [ ص: 394 ] باب الطواف على الراحلة

وقال النووي : (باب: جواز الطواف على بعير وغيره، واستلام الحجر "بمحجن ونحوه": للراكب).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 18 - 19 ج9 المطبعة المصرية

[عن جابر، قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت، (في حجة الوداع) ؛ على راحلته، يستلم الحجر بمحجنه: لأن يراه الناس، وليشرف، وليسألوه. فإن الناس غشوه ].


(الشرح)

(عن جابر ) رضي الله عنه: (قال: طاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بالبيت ، في حجة الوداع "على راحلته"، يستلم الحجر بمحجنه) بكسر الميم، وإسكان الحاء، وفتح الجيم.

وهو: عصا معقفة. يتناول بها الراكب ما سقط له. ويحرك بطرفها بعيره للمشي.

قال النووي : فيه: جواز الطواف راكبا ، واستحباب استلام الحجر ، وأنه: إذا عجز عن استلامه بيده، استلمه بعود.

وفيه: جواز قول: (حجة الوداع) .

[ ص: 395 ] واستدل به أصحاب مالك ، وأحمد : على طهارة بول (ما يؤكل لحمه) ، وروثه . لأنه لا يؤمن ذلك، من البعير. فلو كان نجسا، لما عرض المسجد له.

ومذهب الشافعية ، ومذهب أبي حنيفة ، وآخرين: نجاسة ذلك.

وهذا الحديث، لا دلالة فيه. لأنه: ليس من ضرورته: أن يبول أو يروث، في حال الطواف. وإنما هو محتمل.

وعلى تقدير حصوله: ينظف المسجد منه. كما أنه: أقر إدخال الصبيان، والأطفال: المسجد. مع أنه: لا يؤمن بولهم. بل قد وجد ذلك. ولأنه: لو كان ذلك محققا لنزه المسجد منه. سواء كان نجسا أو طاهرا. لأنه مستقذر. انتهى.

وأقول: هذه الأجوبة، كلها ضعيفة. يظهر ضعفها بأدنى تأمل. والراجح هو: القول الأول. وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة، المذكورة في مواطنها.

قال (في الفتح): لا دليل في طوافه -صلى الله عليه وسلم - راكبا؛ على جواز الطواف راكبا بغير عذر. وكلام الفقهاء، يقتضي: الجواز. إلا أن المشي أولى. والركوب مكروه تنزيها.

قال: والذي يترجح: المنع. لأن طوافه -صلى الله عليه وسلم -، وكذا طواف أم سلمة، كان قبل أن يحوط المسجد. فإذا حوط: امتنع داخله. إذ لا يؤمن [ ص: 396 ] التلويث. فلا يجوز بعد التحويطة بخلاف ما قبله. فإنه كان لا يحرم التلويث. كما في السعي. انتهى.

(لأن يراه الناس، وليشرف، وليسألوه. فإن الناس غشوه) .

هذا، بيان لعلة ركوبه -صلى الله عليه وسلم -.

وقيل أيضا: لبيان الجواز.

وجاء في (سنن أبي داود ): أنه كان -صلى الله عليه وسلم -، في طوافه هذا: مريضا.

وإلى هذا المعنى، أشار البخاري ، وترجم عليه: ( باب المريض، يطوف راكبا).

فيحتمل، أنه: طاف راكبا، لهذا كله.

ومعنى (غشوه) ، بتخفيف الشين: ازدحموا عليه. ويؤيده قول عائشة : (كراهية: أن يضرب الناس عنه).

وفي بعض النسخ: (يصرف) بالصاد المهملة والفاء. وكلاهما صحيح.

[ ص: 397 ] وكذا قول ابن عباس : (وهو يشتكي)، وفي رواية: (فلما كثروا عليه).

فإن هذه الألفاظ كلها، مصرحة: بأن طوافه، كان لعذر.

فلا يلحق به من لا عذر له.

التالي السابق


الخدمات العلمية