قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: "اللهم! اغفر للمحلقين"
قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: "وللمقصرين".] .
(الشرح)
(عن أبي هريرة) " رضي الله عنه " ; (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم ! اغفر للمحلقين ". ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: (ارحم) .
وفيه: دليل على الترحم على الحي ، وعدم اختصاصه بالميت.
(قالوا: يا رسول الله ! وللمقصرين ؟ قال: " اللهم ! اغفر للمحلقين " قالوا: يا رسول الله ! وللمقصرين ؟ قال: " اللهم ! اغفر للمحلقين " قالوا: يا رسول الله ! وللمقصرين ؟ قال: " وللمقصرين ".) .
فيه: تصريح بجواز الاقتصار على أحد الأمرين: إن شاء اقتصر على الحلق ، وإن شاء على التقصير.
[ ص: 547 ] وقد أجمع العلماء على ذلك. إلا ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري:
أنه كان يقول: يلزمه الحلق في أول حجة ، ولا يجزيه التقصير.
قال النووي. وهذا " إن صح عنه " ، مردود بالنصوص ، وإجماع من قبله.
قال في (شرح المنتقى) : فيه دلالة على أن الحلق أفضل من التقصير ; لتكريره صلى الله عليه وسلم الدعاء للمحلقين ، وترك الدعاء للمقصرين: في المرة الأولى والثانية ، مع سؤالهم له ذلك.
وظاهر صيغة المحلقين: أنه يشرع حلق جميع الرأس ، لأنه الذي تقتضيه الصيغة. إذ لا يقال لمن حلق بعض رأسه: إنه حلقه ، إلا مجازا.
وقد قال " بوجوب حلق الجميع ": nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك.
واستحبه الكوفيون ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ويجزي البعض عندهم. واختلفوا في مقداره.
فعن الحنفية: الربع. إلا أن أبا يوسف قال: النصف.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: أقل ما يجب: حلق ثلاث شعرات. وفي وجه: شعرة واحدة. وهكذا الخلاف في التقصير. انتهى.
قال النووي: يستحب أن لا ينقص في التقصير عن قدر الأنملة ، من أطراف الشعر. فإن قصر دونها جاز. لحصول اسم التقصير. [ ص: 548 ] والمشروع في حق النساء: التقصير. ويكره لهن الحلق. فلو حلقن حصل النسك.
ويقوم مقام الحلق والتقصير: النتف ، والإحراق ، والقص ، وغير ذلك ، من أنواع إزالة الشعر.
ووجه فضيلة الحلق على التقصير: أنه أبلغ في العبادة. وأدل على صدق النية في التذلل لله تعالى. ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر ، الذي هو زينة ، والحاج مأمور بترك الزينة. بل هو أشعث وأغبر.
والأفضل في الحلق والتقصير: أن يكون بعد رمي جمرة العقبة ، وبعد ذبح الهدي إن كان معه ، وقبل طواف الإفاضة. وسواء كان قارنا أو مفردا.
وقال ابن الجهم المالكي: لا يحلق القارن حتى يطوف ويسعى.
قال النووي: وهذا باطل ، مردود بالنصوص وإجماع من قبله.
وقد ثبتت الأحاديث: بأن النبي صلى الله عليه وسلم ، حلق قبل طواف الإفاضة. وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم ، كان قارنا في آخر أمره.
ولو لبد المحرم ، فالصحيح المشهور من مذهب الشافعية: أنه يستحب له حلقه في وقت الحلق. ولا يلزمه ذلك.
وقال جمهور العلماء: يلزمه حلقه. انتهى.
قال في (شرح المنتقى) : وقد اختلف في الوقت ، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول ; [ ص: 549 ] فقيل: إنه كان يوم الحديبية.
وقيل: في حجة الوداع.
وقد دلت على الأول: أحاديث. وعلى الثاني: أحاديث.
وقيل: إنه كان في الموضعين. أشار إلى ذلك النووي. وبه قال ابن دقيق العيد. قال الحافظ: وهو المتعين لتضافر الروايات بذلك في الموضعين.
وهذا هو الراجح ، لأن الروايات القاضية: بأن ذلك كان في الحديبية ; لا تنافي الروايات القاضية: بأن ذلك كان في حجة الوداع. وكذلك العكس. فيتوجه العمل بها في جميعها. والجزم بما دلت عليه.
وقد أطال صاحب (الفتح) الكلام ، في تعيين وقت هذا القول ، فمن أحب الإحاطة بجميع ذيول هذا البحث ، فليرجع إليه. انتهى.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: وكونه في الحديبية: هو المحفوظ.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: ذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الباب ، خلاف ما قالوه. وإن كانت أحاديثه: جاءت مجملة ، غير مفسرة موطن ذلك.
وقد جاء الأمر في حديث: (أم الحصين) ، في باب رمي الجمرة: مفسرا أنه في حجة الوداع. فلا يبعد أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله في الموضعين. والله أعلم.