(الإشعار) : هو أن يكشط جلد البدنة ، حتى يسيل دم ، ثم يسلته ، فيكون ذلك علامة على كونها هديا. ويكون ذلك في صفحة سنامها الأيمن.
وعبارة النووي: (الإشعار) : هو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى: [ ص: 561 ] بحربة ، أو سكين ، أو حديدة ، أو نحوها ، ثم يسلت الدم عنها.
قال: وأصل الإشعار ، والشعور: الإعلام والعلامة.
قال: وهو مستحب ، ليعلم أنه هدي ، فإن ضل رده واجده ، وإن اختلط بغيره تميز.
ولأن فيه: إظهار شعار.
وفيه: تنبيه غير صاحبه ، على فعل مثل فعله.
(وصفحة السنام) : جانبه. والصفحة مؤنثة. فقوله: (الأيمن) بلفظ التذكير ، يتأول على أنه: وصف لمعنى (الصفحة) ، لا للفظها.
ويكون المراد بالصفحة: (الجانب) . فكأنه قال: جانب سنامها الأيمن. انتهى.
وقد ذهب إلى استحبابه ، ومشروعيته: الجمهور " من السلف والخلف".
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة: كراهته. والأحاديث ترد عليه.
وفي النووي قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: (الإشعار) : بدعة ، لأنه مثلة. وهذا يخالف الأحاديث الصحيحة المشهورة في الإشعار. انتهى.
قلت: وقد خالف الناس في ذلك ، حتى خالفه صاحباه: أبو يوسف ومحمد. واحتج على الكراهة بأنه: من المثلة.
[ ص: 562 ] وأجاب النووي ، nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي: يمنع كونه منها. بل هو من باب آخر ; كالكي ، وشق أذن الحيوان. فيصير علامة ، وغير ذلك: من الوسم والفصد ، وكالختان ، والحجامة. انتهى.
على أنه: لو كان من المثلة ، لكان ما فيه من الأحاديث ، مخصصا له من عموم النهي عنها.
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي: أنه قال بكراهة الإشعار. وبهذا يتعقب على الخطابي ، nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم: بأنه لم يقل بالكراهة أحد ، غير nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
قال النووي: وأما محل الإشعار ، فمذهبنا ، ومذهب جماهير العلماء ، من السلف والخلف: أنه يستحب الإشعار في صفحة السنام اليمنى.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: في اليسرى. وهذا الحديث يرد عليه.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر: أنكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأصحاب الرأي: التقليد للغنم. وزاد غيره: وكأنهم لم يبلغهم الحديث. انتهى.
قال النووي: تقليد الغنم ، مذهبنا ومذهب العلماء كافة: من السلف والخلف ، إلا مالكا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: ولعله لم يبلغه الحديث ، الثابت في ذلك.
[ ص: 563 ] قلت: قد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة ، بالتقليد. فهي حجة صريحة ، في الرد على من خالفها. انتهى.
واحتجوا على عدم مشروعيته: بأنها تضعف عن التقليد. وهي حجة أوهى من بيوت العنكبوت ; فإن مجرد تعليق القلادة ، مما لا يضعف به الهدي.
وأيضا: إن فرض ضعفها عن بعض القلائد ، قلدت بما لا يضعفها.
وأيضا: قد وردت السنة بالإشعار ، وهو لا يترك لكونه مظنة للضعف ; فكيف يترك ما ليس مظنة لذلك ، مع ورود السنة به.
قال النووي: البقرة يستحب عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وموافقيه: الجمع فيها بين الإشعار والتقليد ، كالإبل.
قال: واتفقوا على أن الغنم لا تشعر ، لضعفها عن الجرح ، ولأنه يستتر بالصوف. انتهى.
قيل: الحكمة في تقليد الهدي النعل: أن فيه إشارة إلى السفر والجد فيه.
وقال ابن المنير: الحكمة فيه: أن العرب تعد النعل مركوبا ، لكونها تقي صاحبها ، وتحمل عنه وعر الطريق. فكأن الذي أهدى خرج عن مركوبه لله تعالى " حيوانا وغيره" ، كما خرج " حين أحرم " عن ملبوسه ، ومن ثم استحب تقليد نعلين لا واحدة.
وقد اشترط nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ذلك.
وقال غيره: تجزئ الواحدة.
[ ص: 564 ] وقال آخرون: لا تتعين النعل ، بل كل ما قام مقامها أجزأ.
وعلى الجملة: فقد ثبت التقليد في الشرع للحيوان ، ولم نسمع به قط للإنسان ، فيكون ذاك سنة ، وهذا بدعة.
(ثم ركب راحلته) ، هي غير التي أشعرها.
وفيه: استحباب الركوب في الحج ، وأنه أفضل من المشي. وقد سبق بيانه مرات.