[ ص: 602 ] وفي لفظ: (مكث المهاجر بمكة "بعد قضاء نسكه " ثلاثا) .]
(الشرح)
أي بعد رجوعه من منى ، وهو المراد بالصدر. وهذا كله قبل طواف الوداع.
واستدل به الشافعية ، على أن طواف الوداع ، ليس من مناسك الحج.
بل هو عبادة مستقلة ، أمر بها من أراد الخروج من مكة. ولهذا لا يؤمر به المكي ، ومن يقيم بها.
وموضع الدلالة ، قوله: بعد قضاء نسكه. لأن طواف الوداع لا إقامة بعده.
ومتى أقام بعده ، خرج عن كونه طواف وداع. فسماه قبله: قاضيا لمناسكه.
والمعنى: أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح ، إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حرم عليهم استيطان مكة ، والإقامة بها.
ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما ; أن يقيموا بعد فراغهم: ثلاثة أيام ، ولا يزيدوا على الثلاثة.
واستدل الشافعية وغيرهم بهذا الحديث ، على أن إقامة ثلاثة ، ليس لها حكم الإقامة. بل صاحبها في حكم المسافر.
قالوا: فإذا نوى المسافر الإقامة في بلد ثلاثة أيام ، غير يوم الدخول ويوم الخروج ، جاز له الترخص برخص السفر ; [ ص: 603 ] من القصر ، والفطر ، وغيرهما من رخصة. ولا يصير له حكم المقيم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: هذا الحديث حجة ، لمن منع المهاجر قبل الفتح ، من المقام بمكة بعد الفتح. قال: وهو قول الجمهور.
وأجاز لهم جماعة بعد الفتح. مع الاتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح. ووجوب سكنى المدينة ، لنصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ومواساتهم له بأنفسهم.
وأما غير المهاجر ومن آمن بعد ذلك ، فيجوز له سكنى أي بلد أراد ; سواء مكة وغيرها بالاتفاق.