) عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) رضي الله عنه ; (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يتركون المدينة على خير ما كانت. لا يغشاها إلا العوافي - يريد عوافي السباع والطير -" ).
فسرها في الحديث بهذا. وهو صحيح في اللغة. مأخوذ من "عفوته" إذا أتيته تطلب معروفه.
[ ص: 80 ] وأما الدنيا، فلعمارتها وغرسها، واتساع حال أهلها.
قال: وذكر الإخباريون في بعض الفتن، التي جرت بالمدينة، وخاف أهلها: أنه رحل عنها أكثر الناس. وبقيت ثمارها أو أكثرها، للعوافي. وخلت مدة، ثم تراجع الناس إليها.
قال: وحالها اليوم، قريب من هذا. وقد خربت أطرافها.
هذا كلام القاضي الحاكي عن زمانه.
وأما زماننا هذا، فقد خربت إلى غاية، وقل أهلها، وزادت لأواؤها وشدتها على ساكنيها، وعلى من حل بها ونزل إليها.
(ثم يخرج راعيان من مزينة، يريدان المدينة، ينعقان ) أي: يصيحان (بغنمهما، فيجدانها وحشا ).
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: (وحوشا ).
قيل: معناه: خلاء. أي: خالية ليس بها أحد.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي: الوحش من الأرض: هو الخلاء.
[ ص: 81 ] وأصل الوحش: كل شيء توحش من الحيوان. وجمعه: وحوش. وقد يعبر بواحده عن جمعه، كما في غيره.
وحكى القاضي عن ابن المرابط ; معناه: أن غنمهما تصير وحوشا، إما أن تنقلب ذاتها فتصير وحوشا. وإما أن تتوحش وتنفر من أصواتها. وأنكر القاضي هذا، واختار: أن الضمير في يجدانها، عائد إلى المدينة، لا إلى الغنم.
قال النووي: وهذا هو الصواب. وقول ابن المرابط غلط.
(حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرا على وجوههما ).
قال النووي: الظاهر المختار: أن هذا الترك للمدينة، يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة. وتوضحه قصة الراعيين هذه، فإنهما يخران على وجوههما، حين تدركهما الساعة. وهما آخر من يحشر، كما ثبت في صحيح البخاري.