عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده. وكفر من كفر من العرب ) ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: إن أهل الردة كانوا صنفين: صنف ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعادوا إلى الكفر، وهم الذين عناهم nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة بقوله: «وكفر من كفر من العرب» وهذه الفرقة «طائفتان» :
إحداهما أصحاب «مسيلمة» من بني حنيفة وغيرهم الذين صدقوه على دعواه في النبوة، وأصحاب «الأسود العنسي» ، ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم، مدعية النبوة لغيره. فقاتلهم أبو بكر حتى قتل الله «مسيلمة» باليمامة «والعنسي» بصنعاء، وانفضت جموعهم وهلك أكثرهم.
والطائفة الأخرى ارتدوا عن الدين وأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من أمور الدين وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية؛ فلم يكن يسجد لله تعالى في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد؛ مسجد [ ص: 71 ] مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس في البحرين في قرية يقال «لها» «جواثا» ، وكان هؤلاء المتمسكون بدينهم من «الأزد» محصورين «بجواثا» .
والصنف الآخر هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأقروا بالصلاة وأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها إلى الإمام، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار أهل الردة فأضيف «الاسم» في الجملة إلى «الردة» إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما.
وأرخ قتال أهل البغي في زمن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ كانوا منفردين في زمانه، لم يختلطوا بأهل الشرك، وقد كان في ضمن هؤلاء المانعين للزكاة من كان يسمح بالزكاة ولا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي «كبني يربوع» ، فإنهم أرادوا أن يبعثوا صدقاتهم إلى أبي بكر رضي الله عنه فمنعهم «مالك بن نويرة» وفرقها فيهم. وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف ووقعت الشبهة nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنه «فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب: nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» . أي: فراجع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر وناظره واحتج عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله.
[ ص: 72 ] فمن قال: لا إله إلا الله. فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله تعالى؟» . وكان هذا من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر تعلقا بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره ويتأمل شرائطه «فقال» له nindex.php?page=showalam&ids=1«أبو بكر» إن الزكاة حق المال يريد أن القضية قد تضمنت عصمة «دم ومال» ، معلقة بإيفاء شرائطها، والحكم المعلق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم، ثم قايسه بالصلاة ورد الزكاة إليها. وقال: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. فإن الزكاة حق المال. فكان في ذلك دليل على أن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعا من الصحابة. ولذلك رد المختلف فيه إلى المتفق عليه. فاجتمع في هذه القضية الاحتجاج من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالعموم، ومن أبي بكر بالقياس (والله! لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه ) . هكذا في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وروايات nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.
وفي بعضها «عناقا» ، وهي الأنثى من ولد «المعز» وكلاهما صحيح وهو محمول على أنه كرر الكلام مرتين فقال في مرة «عقالا» وفي الأخرى «عناقا» فروي عنه اللفظان؛ «فالعناق» محمول على الغنم الصغار بأن ماتت أمهاتها، والمراد «بالعقال» زكاة عام. وقيل: «الحبل» الذي يعقل به البعير، وصححه النووي، لأن الكلام خرج مخرج التضييق والتشديد والمبالغة فتقتضي قلة ما علق به القتال وحقارته وإذا حمل على صدقة العام لم يحصل هذا المعنى والمراد قدر قيمته. وقيل غير ذلك.
وبالجملة: فلما استقر عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رأي أبي بكر رضي الله عنهما، وبان له صوابه تابعه على قتال القوم. وهو معنى قوله:
[ ص: 73 ] (فقال عمر بن الخطاب» : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله «عز وجل» قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق ) .
معنى «رأيت» : علمت، وأيقنت. ومعنى «شرح» فتح ووسع ولين.
أي: علمت. أنه جازم للقتال لما ألقى الله سبحانه في قلبه من الطمأنينة لذلك واستصوابه لذلك فعرفت بذلك أن ما ذهب إليه هو الحق.
قال النووي: لا أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قلد nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر؛ فإن المجتهد لا يقلد المجتهد؛ وقد زعمت الرافضة أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إنما وافق nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر تقليدا، وبنوه على مذهبهم «الفاسد» في وجوب عصمة الأئمة. وهذه جهالة ظاهرة منهم والله أعلم انتهى.
وفي استدلال «أبي بكر» واعتراض nindex.php?page=showalam&ids=2«عمر» ، رضي الله عنهما دليل على أنهما لم يحفظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: