(عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ) رضي الله عنه: (أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر ؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء. وقال بعضهم: لا آكل اللحم. وقال بعضهم: لا أنام على فراش.
[ ص: 138 ] فحمد الله وأثنى عليه، فقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ؟ " ).
هذا موافق للمعروف من خطبه "صلى الله عليه وآله وسلم"، في مثل هذا: أنه إذا كره شيئا فخطب له، ذكر كراهيته، ولا يعين فاعله.
قال النووي: وهذا من عظيم خلقه صلى الله عليه وآله وسلم. فإن المقصود من ذلك: الشخص، وجميع الحاضرين، وغيرهم ممن يبلغه ذلك. ولا يحصل توبيخ صاحبه في الملأ.
(ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء. ).
فيه: دليل على أن المشروع، هو الاقتصاد في الطاعات، لأن إتعاب النفس فيها، والتشديد عليها، يفضي إلى ترك الجميع.
والدين يسر، ولن يشاد أحد الدين إلا غلبه. والشريعة المطهرة، مبنية على التيسير وعدم التنفير.
(فمن رغب عن سنتي ) أي: تركها إعراضا عنها، غير معتقد لها على ما هي عليه: (فليس مني ).
قال في شرح المنتقى: المراد بالسنة: الطريقة. والرغبة: الإعراض. أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أن التارك لهديه القويم، المائل إلى الرهبانية، خارج عن الاتباع إلى الابتداع. انتهى.
قسم ; تتوق إليه نفسه ويجد المؤن، فيستحب له النكاح.
وقسم ; لا تتوق نفسه ولا يجد المؤن، فيكره له.
وقسم ; تتوق ولا يجد المؤن، فيكره له. وهذا مأمور بالصوم، لدفع التوقان.
وقسم ; يجد المؤن ولا تتوق، فمذهب الشافعية: أن ترك النكاح لهذا، والتخلي للعبادة، أفضل. ولا يقال: النكاح مكروه. بل تركه أفضل.
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، وبعض المالكية: أن النكاح له أفضل. انتهى.
لكن قال شيخنا "في السيل الجرار": النكاح من آكد السنن. وقد أمر الله به "سبحانه" في كتابه العزيز. وثبت في السنة الصحيحة، في الصحيحين وغيرهما: الأمر به، والنهي عن التبتل، فهو سنة مؤكدة، فلا وجه لجعل بعض أقسامه مباحا أو مكروها. فإن ذلك دفع في وجه الأدلة، ورد للترغيبات الكثيرة، في صحاح الأحاديث وحسانها.