وسببه: أنه لما منع في مدة الإحرام: من العقد لنفسه، صار كالمرأة. فلا يعقد لنفسه ولا لغيره.
قال النووي: وظاهر هذا العموم: أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة: كالأب، والأخ، والعم، ونحوهم. أو بولاية عامة: وهو السلطان، والقاضي، ونائبه.
وهذا هو الصحيح. وبه قال جمهور الشافعية.
[ ص: 209 ] قال: والنهي عن النكاح والإنكاح "في حال الإحرام": نهي تحريم ; فلو عقد لم ينعقد ; سواء كان المحرم هو الزوج، أو الزوجة، أو العاقد لهما: بولاية، أو وكالة. فالنكاح باطل في كل ذلك.
قال: وأما قوله: لا يخطب. فهو نهي تنزيه، ليس بحرام.
وكذلك يكره للمحرم: أن يكون شاهدا في نكاح، عقده المحلون. والصحيح الذي عليه الجمهور: انعقاده بشهادته.
قال: اختلف أهل العلم في نكاح المحرم ;
فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وجمهور العلماء من الصحابة، فمن بعدهم: لا يصح نكاح المحرم. واعتمدوا أحاديث الباب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، والكوفيون: يصح نكاحه، لحديث قصة nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة.
وأجيب عنه بأجوبة أصحها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إنما تزوجها حلالا. هكذا رواه أكثر الصحابة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض وغيره: لم يرو: أنه تزوجها محرما، إلا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وحده. وروت ميمونة، وأبو رافع، وغيرهما: أنه تزوجها حلالا. وهم أعرف بالقضية لتعلقهم بها. بخلاف nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس. ولأنهم أضبط منه وأكثر.
ومنها: أنه تزوجها في الحرم، وهو حلال. ويقال لمن هو في الحرم: "محرم"، وإن كان حلالا. وهي لغة شائعة معروفة. ومنه البيت المشهور: [ ص: 210 ]
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما
.
أي: في حرم المدينة.
ومنها: أنه تعارض القول والفعل. والصحيح حينئذ "عند أهل الأصول": ترجيح القول، لأنه يتعدى إلى الغير. والفعل قد يكون مقصورا عليه.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان له أن يتزوج في حال الإحرام، وهو مما خص به دون الأمة. وهذا أصح الوجهين عند الشافعية.
والوجه الثاني: أنه حرام في حقه كغيره، وليس من الخصائص. والله أعلم.